للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدةُ الثّانية (١):

قوله: "بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ" يحتملُ أنّ يريدَ كلّ غداة وكل عشيّ، وذلك لا يكون إلَّا بان يكون الإحياء لجزء منه، فإنّا نشاهدُ الميِّت بالغَدَاة والعشيِّ، وذلك يمنعُ إحياء جميعه وإعادة جسمه، ولا يمنع أنّ تعادَ الحياة في جزءٍ منه أو أجزاءٍ، وتصحّ مخاطبته والعرض عليه.

ويحتمل أنّ يريد بذلك: غدوة واحدة يكون العرض فيها، والله أعلم.

الفائدةُ الثّالثة:

قوله: "مَقعَدُهُ لا دليلٌ على صحَّة عذاب القبر الّذي أنكرته المعتزلة وأثبته أهل السُّنَّة، فالآثارُ الواردة فيه في الصّحيح منها خمسة:

الأوّل: حديث الرَّجُلَينِ اللّذين يعذبان فيما هو غير كبير (٢).

الثّاني: عروج النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - فسمع صوتًا فقال: "يهود تُعَذَّبُ في قُبُورِهَا" (٣).

الئآلث: حديث سماع قَرع النِّعال (٤).

الرّابع: مخاطبة الميِّت لمن يحمله بقوله: "قَدِّمُونِي قَدِّمُونِي" (٥).

الخامس: ما خرَّجه مسلم (٦)، قال فيه: "فَامكُثُوا عَلَى قَبرِي قَلِيلًا أَستَأنِسُ بِكُمْ، حتّى انظر بما أراجع به رسل رَبِّي".

والآثار الواردة في ذلك كثيرة بينّاها في كتاب الكسوف.

الفائدةُ الرّابعة (٧):

فيه دليلٌ على أنّ الجنَّة والنّار مخلوقتان، وبه قالت جماعة أهل السُّنَّة؛ لأنّه وردت في ذلك آثارٌ كثيرة يطولُ ذِكْرُها لبابُها:

الأوّل: قوله: "اشتكتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا" وقد تقدّم بيانُه.


(١) هذه الفائدةُ مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٣١.
(٢) أخرجه البخاريّ (٢١٨)، ومسلم (٢٩٢) من حديث ابن عبّاس.
(٣) أخرجه البخاريّ (١٣٧٥)، ومسلم (٢٨٦٩) من حديث أبي أيّوب.
(٤) أخرجه البخاريّ (١٣٧٤)، ومسلم (٢٨٧٠) من حديث أنس.
(٥) أخرجه البخاريّ (١٣٨٠) من حديث أبي سعيد الخدريّ.
(٦) في صحيحه (١٢١) عن عمرو بن العاص.
(٧) هذه الفائدةُ منتقاة من الاستذكار: ٨/ ٣٤٩ - ٣٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>