للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتميم (١):

قال الإمام: وهذه الآثار في هذا الباب ليست بالقويّة عند أهل التّحقيق من المحدَّثين (٢)، والّذي يصحّ في هذا الباب طريق النّظر لا طريق الأثر.

حديث مَالِك (٣)، عَنْ أَبِي الزَّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة؛ أَن رَسُولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتى يَمُرَّ الرَجُلُ بِقَبْر الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا لَيتَنِي مَكَانَهُ".

الإسناد:

قال الإمام: هذا حديثٌ صحيح خرّجه الأيمَّة (٤).

الأصول (٥):

ظنّ بعض النَّاسِ أنَّ هذا الحديث معارِضٌ لنَهْيِهِ - صلّى الله عليه وسلم - عن تَمَنَّي الموت بقوله: "لا يتَمنَّينَ أَحَدُكُم الموتَ لضُرِّ نَزَلَ بِهِ" (٦) ولقول خَبّاب بن الأرتّ: لولا أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - نهانا أنّ نَدْعُوَ بالموتِ لَدَعَوْتُ به (٧). وليس بينهما تعارضٌ، وذلك إنّما هو إخبار عن تَغَيُّر الزّمان لا غير.

وفيه ثلاث فوائد:

الفائدةُ الأولى (٨):

قال علماؤنا (٩): في هذا الحديث إباحةُ تمنِّي الموت، وليس كما ظنَّ بعضهم، وإنّما أخبر أنّ ذلك سيكون لشِدَّةِ ما ينزلُ بالنَّاسِ من فساد الحال في الدَّين وضَعْفِهِ وخَوْفِ ذَهَابِهِ، لا لضُرِّ ينزلُ بالمؤمنِ في جِسمِهِ يحطُّ خطاياه.


(١) غ: "تلميح".
(٢) يقول ابن عبد البرّ في الاستذكار: ٨/ ٤٠٤ "وهي كلّها أسانيد ليست بالقويه، ولا تقوم بها حجّة ... وأهل العلّم ينكرون هذا الباب ... وإنّما أدخل العلّماء في هذا الباب النّظر؛ لأنّه لم يصحّ عندهم فيه الأثر".
(٣) في الموطّأ (٦٤٧) رواية يحيى.
(٤) أخرجه أحمد: ١٢/ ١٦٤ (ط. الرسالة) والبخاري (٧١١٥)، ومسلم في الفتن (١٥٧).
(٥) كلامه في الأصول مقتبس من الاستذكار: ٨/ ٤٠٩.
(٦) أخرجه البخاريّ (٦٣٥١)، ومسلم (٢٦٨٠) من حديث أنس.
(٧) أخرجه البخاريّ (٦٣٤٩)، ومسلم (٢٦٨١).
(٨) هذه الفاندة مقشسة من الاستذكار: ٨/ ٤٠٩.
(٩) المقصود هو الإمام ابن عبد البرّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>