للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعفو، من قوله: {خُذِ الْعَفْوَ} (١).

وهذه الألفاظ واقعةٌ على الزّكاة من جهة اللُّغة، وتنطلق على معانٍ في الشَّرْعِ.

المسألة الثّانية:

قوله: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ" قال علماؤنا: الذَّوْدُ يقع على الثّلاثة والأربعة والخمسة إلى التِّسعة. وقال ابن حبيب (٢): "الذّود من الإبل الثّلاثة إلى التِّسعة. ولا يتبعض الذَّوْدُ، ولا يكون له واحدٌ، كما لا يتبعض النَّفَر من الرَّجال، ألَّا ترى أنّه ليس للنَّفَر واحدٌ، والنَّفَرُ من الثّلاثة إلى الِتَّسعة، ثمّ من التّسعة إلى العشرة رهطٌ، وما فوق العشرة إلى الأربعين عصبة، وما فوق الأربعين أُمَّة".

وقال أبو عُبَيْد في "غَرِيبَيْه" (٣): "الذَّوْدُ هو ما بين الاثنين إلى التِّسع من الإناث دون الذّكور".

وقال غيره (٤): قد يكون الذّود واحد لقوله: "ليس فيما دُونَ خمسِ ذَوْدٍ، من الإبلِ صدقةٌ"، كأنّه قال: ليس فيما دون خمس من الإبل صدقةٌ.

الاشتقاق:

قال علماؤنا: إنّما اشتقّ ذود لأنّه يذاد، أي يساق، ومنه الحديث: "فَلْيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي" (٥) يريد فليدفعن. وقال عيسى بن دينار (٦): الذود الجمل الواحد، وقول عيسى أَوْلَى بظاهر قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "ليس فيما دون خمسِ ذَوْدٍ صدقةٌ" يريد: ليس فيما دون خمسٍ من الإِبلِ صدقة.

وقال علماؤنا: وإنّما جاز هذا لأنّه يُسَمَّى الجملُ باسْمِ المصدر، وكذلك الجمع منه، كأنّه قال: ليس فيما دون خمسِ جمالٍ.

وقيل (٧): الذَّوْدُ واحدٌ، ومنه قيل: الذَّوْدُ إلى الذَّوْدِ إِبلٌ.

وقد قيل: إنّ الذَّوْدَ القطعة من الإبِلِ ما بين الثّلاث إلى العشر.


(١) الأعراف:١٩٩.
(٢) في تفسير غريب الموطَّأ: الورقة ٢٨ - ٢٩.
(٣) ٢/ ٣٦٧.
(٤) الظّاهر أنّ هذه الفقرة مقتبسة من المعلم للمازري: ٢/ ٧.
(٥) أخرجه مسلم (٢٤٩) من حديث أبي هريرة.
(٦) غ، جـ: "مزين" ولعلّ الصواب ما أثبتناه، ويعضده ما نقله الباجي في الحنتقى: ٢/ ٩٠.
(٧) من هنا إلى آخر المسألة مقتبس من الاستذكار:٩/ ١٢ - ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>