للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقبحها منظرًا.

والزَّبيبتان: زبَدَانِ (١) في شِدْقَي المتكلِّم من شدَّةِ كلامه، وأكثر ما يعتري ذلك المتكلِّم عند الضَّجر، فيحتمل أنّ يُوصَفَ الشُّجاع بذلك لغضبه (٢) على المُفَرِّطِ في الزَّكاة.

وسئل (٣) مالك (٤) عن الزَّبِيبَتَيْن فقال: أراهما شيئًا يكونُ على رَأْسِهِ كالقَرْنَيْن، واللهُ أعلمُ.

وقال ابنُ حبيب (٥): "سمعتُ مُطرِّفًا يقول: هما زَبيبَتَانِ في حَلْقِه (٦)، وأكثر ما تكون عند الغَضَب"، واللهُ أعلمُ.

ذكر الفوائد المنثورة المتعلقة بهذا الحديث:

وهي ثلاث فوائد:

الفائدةُ الأولى (٧):

قوله: "مُثِّلَ لَهُ ماله شجاعًا أَقْرَع" ثبتَ ذلك عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - من طُرُقٍ كثيرةٍ، وهذه العُقُوبة إنّما تكون -كما قلنا- فيمن مَنَع الحقوق الواجبة.

الفائدةُ الثّانية (٨):

ومعنى قوله: "مُثِّلَ لَهُ شُجَاعًا" حقيقة؛ لأنّ المال جسمٌ والشُّجاع جسمٌ، فيغيِّر الله الهيئات والصِّفات والجسمُ واحدٌ، ويكون المَثَل في الذَّات لا في الصِّفات،


(١) غ، جـ: "زيادة" والمثبت من المنتقى.
(٢) في المنتقى: "لتغيظه".
(٣) هذه الفقرة والّتي بعدها مقتبسة من تفسير الموطّأ للبوني: ٤٣/أ.
(٤) رواه عليّ بن زياد عن مالكٌ في تفسير الموطّأ لابن سحنون، نصّ على ذلك البوني في تفسيره.
(٥) في شرح غريب الموطّأ: الورقة ٣٣.
(٦) تتمة الكلام كما في شرح ابن حبيب: "بمنزلة زبيبتي العنز. وسمعت بعض أهل العلّم يقول: هما النكتتان السّوداوان فوق عينيه، وهو إوحش ما يكون من الحيات وأخبثه. وكان ابن وَهْب يقول: الزَّبْدَتَان اللّتان تكونان عند الغضب بجانبي الفم. قال عبد الملك [بن حبيب]: وهو أشبه ذلك عندي. وقد يكون في الحيّات. وقد تكون الزّبدتان أيضًا من الرِّجال عد الغضب".
(٧) انظرها في القبس: ٢/ ٤٦٧.
(٨) انظرها في القبس: ٢/ ٤٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>