للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام، ونقل سائرها إلى موضع الحاجة، هذا هو المشهور من مذهب مالك، وفي "المجموعة" من رواية ابن وهب وغيره عن مالكٌ: لا بأس أنّ يبعث الرَّجُل ببعض زكاته إلى العراق، ثمّ إنّ هلكت في الطّريق لم يضمن، فإن كانت الحاجة كثيرة بموضعه أحببت له إلَّا يبعث، وهذا إباحة لإخراج (١) الزَّكاة عن موضعها، وبه قال أبو حنيفة. وقال الشّافعيّ: لا يجوز نقل الصَّدَقَة عن موضعها.

والدّليل على ما نقوله: قوله لمعاذ بن جبل: "خُذْ مِنْ امْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُؤخَذ من أغنيائهم وتردُّ على فقرائهم".

فإن قيل: هذا يقتضي نقلها من عَدَن إلى اليمن؛ لأنّه خاطب بذلكَ أهل اليمن وعَدَن في اليمن.

فالجواب: أنّ المراد بذلك أنّ تؤخذ (٢) من الأغنياء فتردّ على الفقراء، ومعلوم أنّ معاذًا كان يخاطِبُ بذلك أهل اليمن وعَدَن وأهل كلّ بلد، فيقتضي ذلك ردّ زكاة أغنيائهم إلى فقرائهم.

فإنْ تَلِفَتْ في الطّريق، فلا ضمانَ عليه، وعلى رواية ابن وهب؛ أنّ عليه الضَّمان. وقيل عنه: لا ضمانَ عليه كالرِّوايةِ الأُولَى (٣)، والرِّوايةُ الأُولَى عن ابن وهب أصحّ من ألَّا ضمان عليه.

مسألة (٤):

فهذا احتاج الإمام أنّ ينقلها من بلدٍ إلى بلدٍ، فَمِنْ أينَ تكون مُؤْنَته؟ فروَى ابنُ القاسم عن مالك؛ أنّه يتكَارَى عليها من الفَيْءِ. وقال ابنُ القاسم: لا يتكَارَى عليها منه، ولكن يبيعها في البلد ويبتاع عوضها في بَلدٍ آخر (٥).

توجيه (٦):

فوجه قول مالكٌ: أنّ الفَيءَ لنوائب المسلمين، فيجبُ أنّ تحمل به هذه الزّكاة


(١) غ، جـ: "إخراج" والمثبت من المنتقى.
(٢) "أنّ تؤخذ" زيادة من المنتقى.
(٣) وهو الّذي قاله ابن الموّاز.
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ١٥٠.
(٥) في المنتقى: "بلد تفريقها".
(٦) هذا التوجيه مقتبسة من المنتقى: ٢/ ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>