للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِرِّةِ سَوِيٍّ" (١) لأنّ قوله هذا مجملٌ ليس على عمومه (٢)، بدليل الخمسة الأغنياء المذكورين في حديث هذا الباب، وهذا أيضًا مُطَابقٌ لقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الآية (٣).

فاؤل ما نبدأ به شرح الأحاديث الواردة في هذا الباب، ثم تُفَسِّر (٤) الآية.

المسألة الثّانية (٥):

قوله: "لا تَحِلُّ الصَدَقَةُ" يريدُ صدَقَة الأموال الواجبة على المسلمين، فإنّها لا تحل لغَنِيِّ غير الخمسة المذكورين، فهي الصَّدَقَة"الواجبةُ لا الصَّدَقَة المبتدأة (٦) من غير وجوبٍ؛ لأنّ تلك بمنزلة الهديّة تحلّ للغنيِّ وللفقير، وقد رُوِىَ عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "لا تحل الصَّدَقةُ لِغَنِيِّ" وذكر الخمسة، ثم ذكر وحرَّمَ الصَّدَقة على كلِّ أحد ما عَدَا الأصناف المذكورة، وكذلك حرَّمَ المسألة على من كان عنده غداء وعشاء في رواية (٧)، وعلى من كان عنده أُوقية (٨)، وهو الصّحيح.

المسألة الثّالثة:

قوله: "إلَّا لِغَازٍ في سَبِيلِ اللهِ " هم أهل الدِّيوان يُفْرَض لهم العطاء وتُصْرَف لهم الصَّدَقَة، وكان ابنُ القاسم يقول: لا يحلّ لِغَنِيِّ أنّ يأخذَ الصَّدَقَةَ يستعينُ بها على الجهاد ويُنْفِقها في سبيل الله، وإنّما يجوز ذلك للغازي الفقير، قال: وكذلك الغَارِم له أنّ يأخذ إذا كان فقيرًا، ولا يجوز له أنّ يأخذ من الصَّدَقة ما يفي به ماله ويؤدِّي منه دَيْنَه وهو عنها غنيّ له مالٌ غائبٌ عنه، لم يحل له أنّ يأخذ من الصَّدقَةِ شيئًا وليستقرض (٩)، فإذا بلغ بَلَدَهُ أنَّ ى ذلك من مَالِهِ هذا كلِّه، ذَكَرَهُ ابن حبيب عن ابنِ القاسم، وخالفه ابن نافع وغيره في ذلك؛ لأنّه قد روي عنه خلافه، رواه أبو زيد


(١) أخرجه الطيالسي (٢٢٧١)، وعبد الرزّاق (٧١٥٥)، وأحمد: ٢/ ١٦٤، والدارمي (١٦٤٦)، والترمذي (٦٥٢).
(٢) الّذي في الاستذكار: "لأنّ قوله هذا لا يحمل مدلوله على عمومه".
(٣) التوبة: ٦٠.
(٤) غ: "تفسير".
(٥) هذه المسألة منتقاة من المنتقى: ٢/ ١٥١.
(٦) في المنتقى: "المبتدلة".
(٧) أخرجه أحمد: ٤/ ١٨١، وأبو داود (١٦٢٩) عن سهل بن الحنظلة مرفوعًا.
(٨) أخرجه أبو داود (١٦٢٨)، والنسائي: ٥/ ٩٨ من حديث أبي سعيد الخدريّ.
(٩) جـ: "ويستقرض".

<<  <  ج: ص:  >  >>