للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيره عن ابنِ القاسمِ؛ أنّه قال في الزّكاة يُغطَى منها الغَازِي: إنّ (١) كان معه في غزاته ما يكفيه من مَالِهِ وهو غنيٌّ في بَلَدِه. ورَوَى ابنُ وَهْب عن مالكٌ؛ أنّه يُعْطَى منها الغُزَاةُ ومن لزم مواضع الرِّبَاطِ فقيرًا كان أو غنيًا.

المسألة الرّابعة (٢): "العامل"

فإنّه يأخذ أُجْرَته على تكفّل (٣) ذلك، واختلف علماؤنا في المقدار الّذي يأخذه العاملون من الصَّدقة؟

فقيل: هو الثمن بقسمة الله لها على ثمانية أقشام، قاله مجاهد والشّعبي.

وقيل: يُعْطون على قَدْرِ أعمالهم من الأُجْرَة، قاله ابن عمر ومالك.

وقيل: يُعطون من غير الزَّكاة، وهو ما كان من بيت المال، وهذا قولٌ صحيح عن مالكٌ بن أنس، من رواية ابن أبي أُوَيْس وداود بن سعيد (٤)، وقد بيَّنَّا ذلك في "مسائل الخلاف".

المسألة الخامسة:

"الغارم" هو أحد رَجُلَيْن: إمّا رجلٌ له مالٌ مثل مئة دينار وعليه مئة دينار، فهو فقير غارِمٌ يحلّ له أخذ الصَّدَقَة، ولا تُوخَذ منه عندنا.

وقيل: تُوخَذ منه ويُغطَى، وهذا ضعيفٌ.

وقال ابن الموّاز: لا يُعْطَى.

وقال (٥) في "الأحكام" (٦): هم الّذين ركِبَتْهُمُ الدُّيون ولا وفاءَ لهم، ولا عندهم ما يؤدُّون به.

وقيل: إنّ كان سَفِيهًا وَصَيَّرَهَا في سفاهة فإنّه لا يُعْطَى منها إلَّا أنّ يتوب؛ لأنّه


(١) غ، جـ: "وإن" ولعلّ الصواب حذف الواو.
(٢) انظر هذه المسألة في أحكام القرآن: ٢/ ٩٦٢.
(٣) غ: "تكلّف".
(٤) علّق المؤلِّف في أحكام القرآن على هذا الرَأي بقوله: "وهو ضعيفٌ دليلًا، فإن الله أخبر بسهمهم فيها نضًّا، فكيف يخلفون عنيما استقراءً وسَبْرًا؟! والصّحيح الاجتهاد في قَدْرِ إلأُجرَةِ؛ لأنّ الييان في تعديد الأصناف إنّما كان للمحلّ لا للمستحقّ".
(٥) لعلّ الصّواب: "وقلنا".
(٦) أي أحكام القرآن: ٢/ ٦٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>