للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رقابهم، مثل أنّ يكون على كلِّ رأسٍ كذا، وعلى كلِّ زيتونةٍ كذا.

وأمّا إذا كانت الجِزْيَةُ مُجْمَلَة عليهم، فذهبَ ابنُ حبيب إلى أنَّ الأرضَ موقوفةٌ عليهم للجِزْيَةِ، لا تبُاعُ ولا تُوهَب (١) ولا تقسم، ولا تكون لهم إلَّا إنْ أَسْلَمُوا عليها، وأنَّ مَنْ ماتَ منهم فتكون لِوَرَثَتِهِ من أهل دِينِهِ، إلّا أنّ لا يكون له وَرثَة من أهل دِينِهِ فتكون للمسلمين.

وذهب ابنُ القاسم إلى أنّ أرضَهُم بمنزلةِ مَالِهِم، يَبِيعُونها ويُورثونَها ويقسمونها، وتكون لهم إنْ أسلموا عليها.

وأمّا إذا كانَتِ الجِزْيَةُ مُفَرَّقَة (٢) على رقابهم، فلا خلافَ أنّ لهم أرضهم يبيعونها ويورثونها (٣)، وتكون لهم إنْ أسلموا عليها، ومن مات منهم فذلك لِوَرثَتِهِ، ولا تجوز وصيَّةٌ إلَّا في ثُلُثِ مَالِهِ.

وأمّا إذا كانتِ الجِزْيَةُ مفرَّقَةٌ على الجماجم والأرض، أو على الأرض دون الجماجم، فاختلفوا في جواز بَيْعِ الأرض على ثلاثة أقوال:

وهي المسألة الثامنة:

فالقول الأوّل: أنّ البَيْعَ جائزٌ، ويكون الخَرَاجُ على البائع، وهو مذهب ابن القاسم في "المدوّنة" (٤) وغيرها.

والقولُ الثّاني: أنَّ البيعَ لا يجوز، وهي رواية ابن نافع عن مالك في كتابه

التجارة إلى أرض الحرب من "المدوّنة".

والقولُ الثّالث: أنّ البيعَ جائزٌ، ويكون الخَرَاج على المبتاعِ ما لم يُسلم البائع،

وهو مذهب أشهب، وقاله في "المدوّنة" (٥)، ولا خلاف أنّها لهم إذا أسلموا عليها.

المسألة التّاسعة:

فإنْ صالحوا على الجِزْيَةِ مبهمة من غير بيان ولا تعيِينٍ، وَجَبَتْ لهمُ الذِّمَّة،


(١) غ: "تورث".
(٢) جـ: "موقوفة".
(٣) جـ: "ويرثوها".
(٤) ١/ ٢٤١ في ما جاء في الجِزْية.
(٥) ١/ ٢٤٢ في ما جاء في الجزية.

<<  <  ج: ص:  >  >>