للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحلّوا (١) في الجِزْيَة محل أهل العُنْوَة في جميع وجوهها، على ما فصَّلْنَاهُ قبلُ.

والجِزْيَةُ العُنْوِيَّة هي الجِزْيَةُ الّتي تُوضَع على المغلُوبِينَ على بلادهم المقدرين فيها لعمارتها، فإنّها عند مالك على ما فَرَضَها عمر - رضي الله عنه - أربعة دنانير على أهل الذَّهَب، وأربعون دِرْهَمًا على أهل الوَرِق، معِ ذلك أرزاق المسلمين وضيافة ثلاثة أيّام، إلَّا أنّ مالكًا - رضي الله عنه - رأى أنّ تُوضع عنهم الضِّيافة إذا لم يوف لهم بالعهد.

المسألة العاشرة (٢):

قوله: "وَضيَافَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ" يريدُ ضيافة المارِّين من المسافرين المسلمين، يكون ذلك على أهل الذِّمَّة، وأَقْصَى أمد الضِّيافة ثلاثة أيام؛ لأنّها فرقٌ بين السَّفَر والمقام، والّذي يلزمهم من الضِّيافة في مُدَّتها، ما يسهل عليهم وجرت العادة به (٣) دون تكلُّف، ولا يلزمهم التَّكلُّف والخروج عن عادتهم في أقواتهم.

المسألة الحادية عشرة:

قوله (٤): "وَلاَ تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ إلَّا مِنَ الرِّجَال الأحْرَارِ الْبَالِغِينَ" لأنّها ثمن لتأمينهم وحَقْن دمائهم، والصّبِيّ والمرأة لا يقتلان. والعبد مال من الأموال، واخْتُلِفَ فيه إذا أُعْتِقَ.

- وهي المسألة الثّانية عشرة-: على ثلاثة أقوال:

أحدها: أنّ عليه الجِزْيَة؛ لأنّه حدّ له (٥) ذِمَّة المسلمين، فوجبت عليه (٦) الجِزْيَة لهم.

والقول الثّاني: أنّه لا جِزْيَةَ عليه؛ لأنّه مُؤمِنٌ محقون الدّم، والجِزْيَةُ إنّما هي ثمن إذا أُعْتِقَ في بلاد المسلمين.

وأمّا إنْ أُعْتِقَ في دَارِ الحَرْبِ، فعليه الجِزْيَة على كلِّ حالٍ.


(١) غ: "وحملوا ... محمل".
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ١٧٤ بتصرُّف.
(٣) "به" زيادة من المنتقى.
(٤) أي قول مالكٌ في الموطّأ (٧٦١) رواية يحيى.
(٥) كذا بالنسختين.
(٦) غ: "عليهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>