للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتتداخل في قول أبي حنيفة وتجب عليه جِزْيَة سَنَةٍ واحدةٍ.

والظّاهر من مذهب مالك أنّه إنْ كان فَرَّ منها أخذت منه السِّنون (١) الماضية، وإن كان ذلك لعُسْرٍ لم تتداخل ولم يبق في ذِمَّتِهِ (٢) ما يعجز عنه من السِّنين الماضية، وقد رأيت هذا لابن القصّار، وهذا القولُ مَبْنِيٌّ على أنّ الفقير لا جِزْيَةَ عليه ولا تبقى (٣) في ذِمَّتِهِ.

المسألة السّادسة عشرة (٤):

قال علماؤنا (٥): إذا سقطت عن الفقير فإنّما تسقطُ بموت الذِّمِّيِّ (٦)، وبه قال أبو حنيفة، وقال الشّافعيّ: لا تسقط بموتٍ (٧).

ودليلنا: أنّ هذه عقوبة، فوجب أنّ تسقط بالموتِ كالحُدُودِ.

قال الإمام: والصحيحُ ما قالَهُ علماؤنا أنّها تسقط بالموتِ، ولا يُلْتَفَتُ إلى من قال لا تسقط بالموت، فإنّه لا أصلَ له.

وكذلك إذا أَسْلَمَ تسقط عنه بإجماعٍ، وقد سُئِلَ الشّيخ أبو إسحاق الشِّيرازي عن هذه المسألة، فأجاب:- وهي المسألة السابعة عشرة-:

فقيل له: ما تقول - أبقاكَ اللهُ- في الجِزْيَةِ الواجبة على الذِّمِّيِّ، هل تسقط عنه

بالإِسلام أم لا؟ فقال: لا تسقط، فَطُولِبَ بالدّليل، فاستدلَّ بأن قال: هذا حدّ

الخراجين، فهذا وجبت بالكُفْرِ لم تسقط عنه بالإسلام، أصل ذلك خَرَاج الأرض.

وأجاب الشّيخُ أبو عبد الله الدّامغاني بثلاثة أَجْوِبَةٍ:

أحدها: أنّه لا يمتنعُ أنّ يكون نوعًا من الخَرَاجِ، ويعتبر في أحدهما ما لا يُعْتَبَرُ في الآخَر.

والثّاني: أنّه لا يمتنع أنّ يكون الخراجان يَجِبَانِ بسبَبِ الكُفْر، ويسقط (٨)


(١) جـ: "للسِّنين" وفي المنتقى: "للسنتين".
(٢) غ، جـ: "ضمانه" والمثبت من المنتقى.
(٣) غ، جـ: "تؤخذ" والمثبت من المنتقى.
(٤) حتّى نهاية الفقرة الثّانية مقتبس من المنتقى: ٢/ ١٧٦ بتصرُّف.
(٥) المقصود هو الإمام الباجي.
(٦) في المنتقى "إذا ثبئت الجزية على الذِّمِّيِّ سقطت بموته".
(٧) في المنتقى: "بموت".
(٨) جـ: "ويجب".

<<  <  ج: ص:  >  >>