للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّغْوِ والرَّفَثِ تُؤَدَّى قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا هِيَ صَدَقَةٌ" (١).

وأمّا اعتبار النِّصاب فيها، فهو مذهب أبي حنيفة (٢)، وذلك ساقطٌ؛ لأنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - ذَكَرَ فَرْضها مُطلقًا وأخذَها من كلِّ أحدٍ، ولو اعتبر فيها النِّصاب لوجبت فيه كسائر الصَّدَقات.

تأصيل (٣):

قوله (٤): "صَدَقَةُ الْفِطْرِ" قال الإمام: هذا هو اسمها على لسان صاحب الشَّرعِ أَضَافَها للتَّعرِيفِ.

وقال قوم: أضافها إلى سبب وجوبها.

وأنا أقول: إلى وقت وجوبها، وسبب وجوبها هو ما يجري في الصَّوم من اللَّغْوِ، وهذا ممّا خَفِيَ على مَنْ رأيتُ من علمائنا الثلاثة طوائف (٥) لقاءً وكُتُبًا.

والدليل على صِحَّة ما قُلْتُه: الحديث المرويّ عن عِكْرِمَة عن ابن عبّاس، قال: "فَرَضَ رَسُولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - زكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرُ الصِّيَام، أو للصَّائِم، مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةٌ لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاَةِ فَهِيَ زكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، ومَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاَة فَهيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ" (٦).

قال الإمام: وقد تُضَافُ إلى الشَّهر، فيقالُ: زكاة رمضان، وعن محمّد ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: وَكَّلَنِي رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - بِحِفْظِ زكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فجعلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، وذكر حديث البخاريّ، إلى أنّ قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "ذَلِكَ


= على الرِّواية الصّحيحة ... والقول الثّاني: وهو رواية مُطَرِّف وعبد الملك وابن القاسم. وعند ابن حبيب أنّها تجب بطلوع الفجر، وهو قول أكثر أصحاب مالكٌ وكبارهم. وتردَّدَ أشهب من قبل نفسه في وجوبها بالغروب".
(١) أخرجه بنحوه أبو داود (١٦٠٩)، وابن ماجه (١٨٢٧)، والدارقطني: ٢/ ١٣٨، والحاكم: ١/ ٤٠٩ من طريق عكرمة عن ابن عبّاس.
(٢) انظر المبسوط: ٣/ ١٠٢، وشرح فتح القدير: ٢/ ٢٨٥.
(٣) انظره في عارضة الأحوذي: ٣/ ١٧٨ - ١٨١.
(٤) أي قول التّرمذيّ في ترجمة بابه من الجامع الكبير: ٢/ ٥١.
(٥) في العارضة: "الطَّوائف الثلاث".
(٦) سبق تخريجه، ورواه ابن العربي مُسْنَدًا في العارضة: ٣/ ١٧٩ عن شيخه أبي الوليد الطّرطوشي.

<<  <  ج: ص:  >  >>