للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القاضي أبو محمّد: والقياس يُوجِبُ أَلَّا كفّارة عليه؛ لأنّه لم يفسد صومًا (١)؛ لأنّ الكفّارةَ إنّما تجب بالتّعَمُّد (٢) وبإفساد الصَّوم (٣)، يبيِّنُ ذلك أنَّه لو أفسد الصّوم بالأكل لكانت (٤) عليه الكفّارة، ولو أكل مرّة ثانية في يومه ذلك لم تجب عليه كفّارة؛ لأنّه لم يفسد بذلك صومًا.

مسألة:

فإن شهِدَ شاهدٌ على هلال رمضان ليلة الاثنين، فردَّ القاضي شهادته، ثم شهِدَ شاهدٌ على هلال شوال على ليلة الأربعاء؟ قال يحيى بن عمر: لا تلفّق الشّهادة بهما؛ لأنّ الأُولَى رُدَّتْ بالحاكم، فلا تُقْبَل شهادة مردودة.

حديث- قوله (٥): "شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ: رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ" قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، وذكر البزّار: "شَهْرا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَا ثَمَانِية وَخَمْسِينَ يَوْمًا" وقد (٦) سمعت من حسبهما ووجدهما ناقصين عددًا.

وأمّا قوله: "ثَمَانِية وَخَمْسِينَ يَوْمًا" هو تفسير لمن تأوَّلَهُ في العَدَدِ، وأمّا تفسير من تأوّله في الفَضْلِ فلا يحتاج إلى هذا.

ومذهب إسحاق؛ أنّهما لا يكونان ثمانية وخمسين يومًا، وإنّما يرجع ذلك إلى الفَضْل.

والمسألة قريبة لا يتعلّق بها حُكْمٌ ولا عِلْمٌ ولا عَمَلٌ، فإنّ الأَجْرَ كامِلٌ باتِّفَاقٍ، وما وراء ذلك تعب غير مُثْمِرٍ (٧) لمعنى.

وقال أبو عبد الله (٨): "معناه لا ينقصان من الأجر وإنْ نقص العدد. وقيل معناه في عامٍ بعَيْنِهِ".

وقيل: لا يجتمعان ناقصين في سَنَةٍ واحدةٍ في غَالِبِ الأمرِ.


(١) غ: "شيئًا".
(٢) غ، جـ: "بالتعدي" والمثبت من المنتقى.
(٣) في المنتقى: "لأنّ الكفارة لا تجب بالتعمُّد وإنّما تجب بإفساد الصوم".
(٤) غ، جـ: "فكانت" وفي المنتقى: "لكان" ولعلّ الصواب ما أثبتناه.
(٥) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في حديث التّرمذيّ (٦٩٢) عن أبي بكرة.
(٦) انظر هذا الشرح في عارضة الأحوذي: ٣/ ٢١٣ - ٢١٤.
(٧) غ، جـ: "مؤثر" والمثبت من العارضة.
(٨) هو الإمام المازري في المعلم بفوائد مسلم: ٢/ ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>