للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحتمل أنّ تكون "لا" بمعنى "لم" كقولى تعالى: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} (١) وأمّا الأبد المذكور هاهنا فقد قيل: مَحْمَلُه على أنَّه يُدْخِل في صومها الأيام المنهيّ عن صومها، كالعيدين وأيّام التشريق، وهو الصّحيح. وكذلك قال علماؤنا: إنّما ذلك لمن صام فيه (٢) الأيّام المنهيّ عنها. وأمّا مَنْ كان فيه رجاء لقوّة ويستوكف منه المنفعة، ففِطْره أفضل من صومه وفي مثله يقال: "لا صام من صام الأبد"؛ لأنّه يهدم الأَعْلَى بالأَدْنَى، وإلى هذا وقعت الإشارة بقوله: "صوم أخي داود، فكان يصوم يومًا ويفطر يومًا" (٣).

وكذلك قال لعبد الله بن عمرو بن العاصي: "صُمْ يومًا وأفطر يومًا" فقال: إنِّي أطيق أفضل من ذلك.

فقال: "لا أفضل من ذلك، ولا صامَ من صامَ الأَبَد" قالها ثلاثًا (٤).

فرع غريب (٥):

وقد اتَّفَقَ العلّماءُ على أنَّ من نَذَرَ صومَ الدَّهْرِ فإنّه يلزمه، ويتركَّب على هذا فرع غريب أيضًا: وهذا إذا أَفْطَرَ بعد ذلك فيه متعمِّدًا، فقال كافّة النَّاسِ: يستغفر الله ولا شيءَ عليه.

وقال ابنُ نافع وعبد الملك: عليه الكفَّارة عِوَضًا عنه (٦)، وهذا ضعيفٌ؛ لأنّه (٧) ليس فيه خَبَرٌ ولا لَهُ نَظير في نَظَرٍ.

المسألة الثّالثة عشرة:

قوله (٨): "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِسِتّ من شَوَّالٍ، كانَ كصيامِ الدَّهْرِ" قال الإمام: ومعنى ذلك؛ أَنَّ الحسنةَ لمّا كانت بعشر أمثالها، كان مبلغ مَا لَهُ من الحَسَنات في صومِ الشَّهر والسِّتةِ أيّام ثلاث مئة وستّون حَسَنَة، عدد أيّام السَّنَة، وكأنَّه صام سَنَة


(١) القيامة: ٣١.
(٢) جـ: "فيها".
(٣) أخرجه البخاريّ (١٩٧٩)، ومسلم (١١٣١) من حديث عبد الله بن عمرو.
(٤) أخرجه البخاريّ (١٩٧٦)، ومسلم (١١٥٩).
(٥) انظره في القبس: ٢/ ٥١٤ - ٥١٥.
(٦) غ، جـ: "منه" والمثبت من القبس (٢/ ١٥٧ ط. الأزهري).
(٧) غ، جـ: "لأن" والمثبت من القبس.
(٨) في حديث مسلم (١١٦٤) عن أبي أيوب الأنصاريّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>