للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت: لا. قال: "فإنِّي صائمٌ" ثمّ خرجَ فدخلَ عليها بطعامٍ أو جَاءَهَا زَوْرٌ، فأرسلت إلى النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، فقالت له: عِنْدَنَا شَيْءٌ، قال لها: "وما هو؟ " قالت له: حَيْسٌ (١)، فقال لها: "قَرِّبِيهِ" فَأَكَلَ منه، ثمّ قال: "لقد كنتُ صائمًا" (٢) قال: النّسائيّ (٣) في تحديثه: "يا عائشة، مَثَلُ الصّائِمِ المُتَطَوِّع كَمَثَلِ رَجُلٍ أَخْرَجَ صَدَقَته، فمَا أَعْطَى نَفَدَ، وما بَقِيَ وبخل به وأَمْسَكَهُ بَقِي" زاد الدّارقطنيّ (٤)، عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -: "الصّائِمُ المُتَطَوِّعُ أميرُ نَفْسِهِ، إنّ شاءَ أَفْطَرَ وشَاءَ صَامَ".

الأصول (٥):

فإن قيل: كيف يصحُّ الاحتجاج بالمُرْسَلِ من الأحاديث؟

قلنا: المراسيل عندنا من الأحاديث المُسْنَدَةِ، وقد بَيَّنَّاه في أَوَّلِ الكتاب فإذا ثبتَ ذلك وتعارض الحديثان؟

قال المخالف: يحمل قَوْلُه (٦): "اقْضِيَا يومًا مَكَانَهُ" على الاستحباب.

قلنا: بل يُحْمَلُ أكل النّبيِّ -عليه السّلام- على أنَّه كان مجهودًا بالجُوعِ، وهي كانت غالب أحواله، فكان يصومُ إذا عدم رغبة في الأَجْرِ، ويفطر إذا وجدَ للحاجة في الأكل.

والدّليل عليه: قوله: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (٧) وكلُّ من بدأ بعمل (٨) لله وشرع فيه بفعله فلا وجه لإبطاله.

الفقه في ستّ مسائل:

المسألة الأولى (٩):

قولهما: "أَصْبَحَتَا صائِمتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ" يحتمل أنّ يكون هذا في يوم لم يكن


(١) هو الطعام المتّخذ من التَّمْر والأَقِط والسَّمْنِ.
(٢) أخرجه مسلم (١١٥٤).
(٣) في سننه: ٤/ ١٩٤.
(٤) في سننه: ٢/ ١٥٧.
(٥) انظر كلامه في الأصول في القبس: ٢/ ٥٢٤.
(٦) في حديث الموطّأ (٨٤٨) رواية يحيى.
(٧) سورة محمّد: ٣٣.
(٨) غ، جـ: "وهذا العمل" والمثبت من القبس.
(٩) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>