المذهب المالكي بالأندلس، وقد كانت له رحلة إلى المشرق، لقي خلالها أصحاب مالك وأخذ عنهم، منهم: عبد الملك ابن الماجِشُون، ومُطرِّف بن عبد الله، وأَصْبَغ بن الفرج، وغيرهم من شيوخ الرِّواية والفقه. وكلّ هؤلاء لهم سماعات من الإمام مالك، وقد روى عنهم ابن حبيب من طريق الرِّواية المباشرة، وكتبه تحفل بذلك.
وقد توفَّر على خدمة "الموطَّأ" خدمة جليلة رواية ودراية؛ فهو حلقة مهمة من حلقات الاتصال الثقافي الَّذي وصل بين المشرق والغرب الإِسلامي، ويدُّلُنا كتاب "تفسير غريب الموطَّأ" على شخصيته الجامعة بين فني الرِّواية والدِّراية، فهو في الكتاب محدِّثا، وفقيها، ولُغَوِيًّا، ونحويًّا، ومفسِّرَا، ومؤرِّخًا نسَّابة.
وتبرز أهمية هذا الكتاب العلمية في المعارف والعلوم الَّتي تضَّمنها، ففيه التفسير، والفقه، والحكم والأمثال، والشِّعر والرَّجَز، واللُّغة والنَّحو والإنساب.
أما عن منهج المؤلِّف في كتابه، فقد تكفَّل الأستاذ العُثَيْمِين ببيانه على أفضل وجه فقال (١): "يشتمل الكتاب على مسائل مشكلة من "المُوَطَّأ"، ابتدأها المؤلف من بداية "المُوَطأ" إلى نهايته؛ ... والتزم فيه رواية يحيى بن يحيى اللَّيْثِيّ - غالبا - وهو معاصر له في بلده الأندلس، مع فساد ما بينهما من علاقة الود والصفاء، ألَّفه على طريقة السؤال والجواب، فَيُسْأَلُ المؤلِّفُ عن لفظة مشكلة