للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية (١)، فهذه ثلاثة عشر قولًا للعلّماء.

فإن قيل: فلم لم يخبر النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - بها؟

فالجواب - قلنا: قد أراد النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّ يُخْبِر بها، فَتَلاحى رَجُلَانِ من المسلمين فَرُفِعَت، وعسى أنّ يكون خيرًا لهم، والحديث مَرْوِىٌّ من حديثِ عُبَادة بن الصَّامت؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - خرج يخبر بليلة القدر فتلاحى رجلان ... الحديث.

إسناده:

خرَّجَهُ الأيِمَّة، وأمّا مسلم فلم يخرّجه ولا عُذْرَ له فيه، والبخاري (٢) وغيره (٣) قد خَرَّجَهُ.

العربية:

قوله: "تَلَاحَى رَجُلَانِ" قال أهل العربيّة: اللحاءُ والملاحاة كالسَّبِّ والسّباب، يقال: لحيت الرَّجُل إذا لمته، من لحيت الشَّجَرة إذا قشّرتها، كأنّه مكاشفة عن باطن المكروه والتّحذير عن الشّيء الكائن بين النّاس.

الثّانية:

قوله: "فَالْتَمِسُوهَا" وهو افتعلوا من اللّمس ولا لمس فيه؛ لأنّ اللّمس محسوس وهي معقولة، ولكنه كنى بالالتماس عن طلب المعنى فيه لما كان اللّمس ممّا يعرف به الملموس، جعله كناية عن معرفة المعلوم مجازًا.

الثّالثة:

فيه دليل على أنّ العقوبة تعمُّ سائر النّاس من المسيء والمُحْسِن؛ لأنّ تلاحي الرّجلين كان سببًا أَلَّا يعرفها أحدٌ، فالجدال (٤) لا يأتي بخير، فعمَّ العقوبة بجدالهما المسيئ والمُحسِن، قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (٥).


(١) القدر: ١.
(٢) في صحيحه (٢٠٢٣).
(٣) كالإمام أحمد: ٥/ ٣١٣، والدرامي (١٧٨٨) وغيرهما.
(٤) غ: "فالجدل".
(٥) الأنفال: ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>