للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على تأكيد الغسل عند الإحرام بالحَجِّ والعمرة (١)، إلّا أنّ (٢) جمهور الفقهاء يستحبّونه ولا يُوجِبُونَهُ، ولا أعلمُ أَحَدًا من المتقدِّمين أَوْجَبَهُ، إِلَّا الحسن بن أبي الحسن البصري فإنّه قال في الحائض والنُّفَسَاء: إذا لم تغتسل عند الإهلال اغتسلت متى ذكرته، وبه قال أهل الظّاهر، قالوا: الغسلُ واجبٌ عند الإهلال على من أراد أنّ يحرم بالحَجِّ طاهرًا كان أو غير طاهر.

وهو عند مالك وجميع أصحابه سُنَّة مؤكَّدة لا يُرَخِّصُونَ في تركها إِلَّا مِنْ عُذْرٍ، ولا يجوز عندهم ترك السُّنَن اختيارًا.

وقال ابنُ القاسم: لا يتركُ الرَّجُلُ والمرأةُ الغسلَ عند الإحرام إِلَّا مِنْ ضرورةٍ.

وقال مالك: إِنِ اغتسلَ الرَّجُلُ بالمدينة وهو يريد الإحرامَ، ثُمَّ مَضى من فَوْرِهِ إلى ذي الحُلَيْفَة فأَحرمَ، فإنَّ غُسْلَهُ يُجْزِئه.

فإن اغتسل غدوة بالمدينة، ثمّ أقام إلى العشاء (٣)، ثمّ راح إلى ذي الحُلَيْفَة فأَحْرَمَ (٤)، فإنّه لا يجزئه الغسل؛ لأنّ الاغتسال للأهلال عنده (٥) آكد من غسلِ الجمعة (٦).

وقال أبو حنيفة (٧) والثوري والأوزاعي: يجزئه الوضوء.

وقال الشّافعيّ (٨): لا يجب ولا أحبّ لأحدٍ أنّ يدع الغسل للأهلال.

المسألة الثّانية (٩):

ذكر علماؤنا في الحَجِّ أربعة أغسال: غسل الإحرام، وغسل لدخول مكَّة، وغسل لعَرَفَة، وغسل لطَوَافِ الإفاضة.

قال الإمام: والّذى أعرف منه غسلان:


(١) في الاستذكار: "أو العمرة".
(٢) غ، جـ "لأنّ" والمثبت من الاستذكار.
(٣) في الاستذكار: "العشىّ".
(٤) غ، جـ "فأحرم الإحرام".
(٥) أي عند مالكٌ.
(٦) حكاه عن مالكٌ ابن خويز منداد، كما في الاستذكار.
(٧) انظر المبسوط: ٤/ ٣.
(٨) في الأم: ٥/ ١٤٠.
(٩) انظرها في القبس: ٢/ ٥٤٨ - ٥٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>