للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاعتبر (١) ظاهر ما أُمِرَ به، فقال: "لَبَّيْكَ بحَجَّةٍ" فسمعه جابر وعائشة، فسمعا الحقّ ونقلا الحقّ.

وانتظر النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّ يُقَرَّ على ذلك، أو يبيّن له فيه شيء، فلم يكن، فقال: "لبَّيك بِحَجَّةٍ وعُمْرَةٍ" (٢) فسمعه أنس وهو تحت راحلته، فسمع الحقّ ونقل الحقّ.

وسار النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - على هذه الحالة حتّى نزل وادي العقيق، فنزل عليه جبريل وقال له: "صلِّ في هذا الوادي المُبَارَك، وقُلْ: عُمْرَة وحَجَّة" (٣) فكشف له قناع البيان عن القِرَانِ، فاستمرّ عليه، والتزم من ذلك ما لزمه، ومرَّ حتّى دخل مكّة، فأمر أصحابه أنّ يفسخوا الحجّ إلى العمرة.

المسألة الرّابعة (٤):

أمّا مالك (٥) والشّافعىّ (٦) فقالا: الافراد أفضل؛ لأنّه هو المفروض، وتخليص الفَرْض من السُّنَّة، أو عن (٧) فَرْض آخر يُمزَج معه أَوْلَى.

وأمّا أحمد بن حنبل (٨) وجماعة (٩) فقالوا: التّمتُّعُ أفضل، لما ثبت عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "لَوِ استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ ما سُقْتُ الهَدْيَ ولَجَعلتُها عُمْرَةً" (١٠) فتمنَّى النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّ يكون متمتِّعًا، ولا يتمنَّى إِلَّا الأفضل.

قلنا: ولا يفعل إِلَّا الأفضل، فكيف يُفَوِّتُه اللهُ تعالى الأكمل ويردَّه إلى الأدون!

وأمّا قولهم: إنَّ في الحديث: "تمتَّعَ رسولُ اللهُ - صلّى الله عليه وسلم -" فقد احتجُّوا به (١١).

قلنا: المراد بقوله: "تَمَتَّعَ" جمع بين الحجّ والعمرة، وهو متاعٌ، ولم يرد


(١) في القبس: "فلم ينزل عليه شيء فاعتمد".
(٢) أخرجه مسلم (١٢٣٢).
(٣) أخرجه البخاريّ (١٥٣٤) من حديث عمر.
(٤) انظرها في القبس: ٢/ ٥٥٩.
(٥) في المدونة: ١/ ٥٩٥ في ما جاء في القِرَان والغسل للمحرم.
(٦) في الأم: ٣/ ٥٢٤، وانظر الحاوي الكبير: ٤/ ٤٣.
(٧) في الأصل: "وعن" والمثبت من القبس.
(٨) انظر المقنع والشرح الكبير والإنصاف: ١/ ١٥١.
(٩) منهبم: ابن عمر، وابن عبّاس، وابن الزّبير، وعائشة، والحسن، وعطاء، وطاوُس، ومجاهد، وجابر وعِكرِمَة، انظر المصادر السابقة.
(١٠) أخرجه البخاريّ (١٧٨٥)، ومسلم (١٢١٦) من حديث جابر.
(١١) في القبس: "فقد احتجّ به أيضًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>