للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا أنس، فإنّه أضاف إلى الثّلاثة عمرة زعم أنَّه قَرَنَها بحَجَّةٍ (١).

وقوله (٢): "إحداهُنَّ في شوّال، واثنتان في ذي القِعْدَة" تنبيه على أوقات عُمَرِ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، ووجه التَّعلُّق بذلك: أنّ العمرة في أَشْهُر الحجّ جائزةٌ، وقد كان النَّاس في الجاهليّة ينكرون ذلك، حتّى بيَّنَ النَّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - جوازه.

المسألة الثّالثة (٣):

فإنْ سأل سائل عن تقديم العمرة على الحجّ؟

فالجواب: أنّه لما علم يكون الحجّ مقدَّمًا في الرُّتبة للاتّفاق على وجوبه (٤)، ولعلّه اعتقد أنّ العمرةَ لمّا كانت تدخل في عمل الحجِّ فإنّها تابعةٌ له (٥)، فأخبر سعيد بن المسِّيب أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - اعتمر قبل أنّ يَحُجِّ، وذلك أنَّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - إنّما حجَّ بعد أنّ نزل فَرْض الحجّ حجّة الوداع، وقد اعتمر قبل ذلك العمرة المذكورة.

وكان (٦) سفيان بن عُيَيْنَة يتأوّل في معنى قول رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - "دَخَلَتِ العمرةُ في الحجِّ إلى يوم القيامةِ" (٧) لم * يُرِد به فسخَ الحجِّ، وإنّما أراد جواز عمل العمرة في أشهُر الحجّ إلى يوم القيامة* (٨)، وإن تمتّع بها إلى الحجّ، وإن قرن بها مع الحجّ، كلُّ ذلك جائز إلى يوم القيامة (٩).


= لأبي منصور الشّيحي: ٩١ - ٩٤، والأجباة لإيراد ما استدركته عائشة على الصّحابة للزّركشي: ٩٢. يقول ابن الجوزي في كشف المشكل: ٤/ ٣٤٧ "اعلم أنّ سكوت ابن عمر لا يخلو من حالين: إمّا أنّ يكون قد شكّ فسكت، أو أنّ يكون ذكر بعد النّسيان، فرجع بسكوته إلى قولها. وعائشة قد ضبطت هذا ضبطًا جيِّدًا".
(١) أخرجه البخاريّ (١٧٧٨)، ومسلم (١٢٥٣) كما سبق ذكرناه.
(٢) أي قول عروة في حديث الموطَّأ (٩٧٢) روياة يحيى. وأقحم ناسخ ب جملة: "مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه؛ لم يعتمر رسول الله إلّا ثلاثًا".
(٣) جلُّ هذه المسألة مقتبسٌ من المنتقى: ٢/ ٢٢٥.
(٤) غ: "مقدّمًا على جوابه"، جـ: "مقدّما بادر جوابه" ولا شك أنّ العبارة مصحّفة، والمثبت من المنتقى.
(٥) في المنتقى بزيادة: "ومؤخّره في الرتبة".
(٦) هذه الفقرة مقتبسة من الاستذكار: ١١/ ٢٠٢.
(٧) أخرجه أحمد: ١/ ٢٥٣، ٢٥٩، وعبد بن حميد (٦٤٤)، والترمذي (٩٣٢) وقال: "حديث حَسَنٌ" والطبراني في الكبير (١١١١٧) كلهم عن ابن عبّاس.
(٨) ما ببن النّجمتين ساقط من أصل النّسختين، بسبب انتقال نظر ناسخ الأصل عند كلمة "القيامة" وقد استدركنا النقص من الاستذكار.
(٩) علق ابن عبد البرّ على هذا بقوله: "وهو قول حَسَنٌ جدًّا".

<<  <  ج: ص:  >  >>