للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالنّكاح باطلٌ، وهو قول عمر وعليّ وابن عمر وزيد بن ثابت.

وقال أبو حنيفة: لا بأس أنّ ينكح المحرم، وهو قول القاسم بن محمّد والنَّخَعي.

وكذلك هو المشهور من مذهب أبي حنيفة أنّه يعقد المحرم النّكاح لنفسه ولغيره (١)، وبه قال الثّوريّ وابن عبّاس.

ودليلنا: قوله: "لَا ينكح المُحرِمُ وَلَا ينكح وَلَا يخطب".

ومن جهة القياس: أنَ عقد النِّكاح معنى تصير به المرأة فِراشًا، فوجبَ أنّ يكون محظورًا على المُحرِمِ كَوَطئِهِ الأَمَة.

ودليل آخر: وذلك أنّ هذه عبادة تمنع الوطء والطِّيب، فوجب أنّ تمنع عقد النّكاح كالعدّة.

المسألة الخامسة (٢):

قوله: "وَلَا يَخطب" يحتمل أنّ يريد به السعي في النكاح.

ويحتمل أنّ يريد به الخطبة حال النِّكاح.

فأمّا السعي، فإنّه ممنوع فإنْ سَعَى فيه وتناول العقد سواه، أو سَعَى فيه لنفسه، أو أكمل العقد بعد التَّحَلُّلِ.

قال أبو الوليد: لم أر فيه نصًّا، وعندي أنّه قد أساء والنكاح لا يفسخ، ومن حضر العقد فقد أساء. وقال أشهب لا شيء عليه (٣).

المسألة السّادسة (٤):

وعَقْدُ النِّكاح ممنوع حتّى يحلّ بالإفاضة، فإنْ تزوّج قبل الإفاضة وبعد الرّمي فسخ نكاحه، ورواه محمّد عن ابن القاسم وأشهب.

والدّليل على ذلك: قوله -عليه السّلام: "لَا ينكح الْمُحْرِمُ" وما لم يتحلّل التَّحلُّل التّامّ، فاسم الإحرام يتناوله.


(١) انظر المبسوط: ٤/ ١٩١.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٢٣٩.
(٣) اختصر المؤلِّف في هذا الموضع اختصارًا اضطرب معه المعنى. والّذى في المنتقى: " ... ومن حضر العقد فقد أساء، رواه أشهب عن مالك، وقال أَصْبَغُ: لا شيء عليه".
(٤) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٢/ ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>