للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف قول مالك فيمن أفاض قبل أنّ يَحْلِق؟ فذكر ابن عبد الحَكَم (١) قال: ومن أفاض قبل أنّ يَحْلِق، فليَحْلِق ثمّ ليُفِضْ ولا شيء عليه، وقد قال: يَحْلِق وينحر ولا شيء عليه، قال: والأوّل أحبّ إلينا.

وقال ابنُ حبيب: يعيدُ الإفاضةَ.

وليس في تأخير الحِلاق حرجٌ إذا شغَلَه عنه ما يمنعه منه.

وأمّا قول مالك (٢): "التَّفَثُ: حِلَاقُ الشَّعْرِ ولُبْسُ الْخُفِّ (٣) وما يَتْبَعُ ذَلِكَ" فهو كما قال: لا خلاف في ذلك.

وسُئِلَ مَالِكٌ (٤) عَنْ رَجُلٍ نَسِيَ حَلْقَ رَأْسِهِ فِي الْحَجِّ، هَلْ لَهُ رُخْصَهٌ أَنْ يَحْلِقَ بِمَكَّةَ؟ قَالَ: ذَلِكَ وَاسِعٌ وَالحِلَاقُ بِمِنىً أَحَبُّ إلَىَّ" وإنَّما استحبَّ ذلك ليكون حَلْق رأسه في حَجِّه حيث ينحر هَدْيه، وذلك في مِنىً، وهو مَنْحَرُ الحاجِّ عند الجميع من الجماهير (٥)، وأجازه بمكّة. كما يجوز النّحْرُ بمكّة لمن لم ينحر بمِنىً؛ لأنّ الهَدْيَ إذا بلغ مكَّة فقد بلغ محلَّه.

وقول مالك (٦): "الأمْرُ المُجْتَمَعُ عَلَيْهِ الَّذِي لا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا، أنَّ أحَدًا لا يَحْلِقُ رَأسَهُ، وَلَا يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيًا إنْ كَانَ مَعَهُ، وَلَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ (٧) حتَّى يَحِلَّ بمِنىً يومَ النَّحْر، وذلك أنّ اللَّهَ تَعَالَى قالَ: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (٨).

واختلف العلماء فيمن حلقَ قبل أنّ ينحر أو قبل أنّ يرمي؟

فقال مالك: إذا حَلَقَ قبل أنّ يرميَ فعليه دمٌ (٩)، وإن حَلَقَ قبل أنّ ينحرَ فلا شيء عليه (١٠).


(١) في المختصر كما في النّوادر والزيادات: ٢/ ٤١٠.
(٢) في الموطّأ (١١٧٥) رواية يحيى.
(٣) كذا بالأصل وفي الاستذكار والموطّأ: "الثيّاب" وهو الصّحيح.
(٤) في الموطّأ (١١٧٦) رواية يحيى.
(٥) أي جمهور العلماء، وهذا اللفظ من إضافات المؤلّف على نصّ ابن عبد البرّ.
(٦) في الموطّأ (١١٧٧) رواية يحيى.
(٧) في الاستذكار والموطّأ بزيادة: "عليه".
(٨) البقرة: ١٩٦.
(٩) قاله مالك في الموطّأ (١٢٥٦) رواية يحيى.
(١٠) قاله مالك في المدونة: ٢/ ٤١٨ في رسم في دخول مكّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>