للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي (١) هذا الحديث من الفقه: دخول مكّة بغير إحرام وبالسّلاح، وإظهار السّلاح فيها، ولكن هذا عند جمهور العلماء منسوخٌ (٢) بقوله: "إنَّ الله حَرَّمَ مكَّةَ يوم خَلَقَ السّموات والأرض، ولا تَحِلُّ لأحدٍ قبلي، ولا تحلُّ لأحدٍ بعدي، وإنّما أُحِلَّتْ لي سَاعةً من النَّهار" (٣) يعني يوم الفتح.

وكان ابنُ شهاب يقول: لا بأس أنّ يدخل مكّة بغير إحرام، وخالفه في ذلك أكثر العلماء (٤)، وما أعلم أحدًا تابَعَهُ على ذلك إلّا الحسن البصري.

واختلف (٥) العلماء فيما يجب على من دخل مكّة بغير إحرام.

فقال مالك (٦) والشَّافعيّ (٧) واللَّيث: لا يدخل أحدٌ مكّة من غير أهل مكّة إلّا محرمًا، فإنْ فعل فقد أساء ولا شيء عليه.

وقال أبو حنيفة (٨): عليه حَجَّةٌ أو عمرةٌ.

وأمّا (٩) قتلُ عبد الله بن خَطَل، فلأنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قد كان عَهِدَ فيه أنّ يُقْتَل وإن وُجِدَ متعلِّقًا بأستار الكعبة؛ لأنّه ارتدَّ بعد إسلامه، وكفرَ بعد إيمانه، وبعد قراءته القرآن، وقَتَلَ النَّفسَ الّتي حرَّمَ اللهُ إِلَّا بالحقِّ، ثمّ لحِقَ بدار الكُفر بمكَّة، واتّخذ قَيْنَتَيْنِ يغنِّيانِ بهِجَاءِ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، فعَهِدَ فيه رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - بما عَهِدَ، وفي ستّة نَفَرٍ معه قد ذَكَرَهُم ابنُ إسحاق (١٠) وغيره، وامرأتين (١١)، وقال الواقديّ: أربع نسوة (١٢).


(١) هذه الفترة والتي بعدها اقتبسهما المؤلِّف - رحمه الله - من التمهيد: ٦/ ١٦٠.
(٢) زاد في التمهيد: "ومخصوص".
(٣) أخرجه البخاريّ (١٨٣٣)، ومسلم (١٣٥٣).
(٤) يقول مالك في المدوّنة ١/ ٣٠٣ "ولا يعجبني قول ابن شهاب في ذلك".
(٥) من هنا إلى آخر قول أبي حنيفة مقتبس من الاستذكار: ١٣/ ٣٥١.
(٦) بنحوه في المدونة: ١/ ٣٠٣ في رفع اليدين عند استلام الحجر الأسود.
(٧) في الأمّ: ٣/ ٣٥٣ (ط. فوزي).
(٨) انظر كتاب الأصل: ٢/ ٥١٨، ٥٢٣، ومختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٦٥، والمبسوط: ٤/ ١٦٧.
(٩) من هنا إلى آخر الباب مقتبسٌ من التمهيد: ٦/ ١٦٥ - ١٦٦، ١٦٨ - ١٦٩.
(١٠) كما في سيرة ابن هشام: ٤/ ٥٢ والمهدر دمهم هم: عبد الله بن سعد، وعبد الله بن خَطَل، والحُوَيْرث بن نُقَيْد، ومِقْبَس بن خُبَابَة [رجح محققوا السيرة حبابة بدل صبابة، مع أنّ لفظ صبابة ورد في بعض النسخ المخطوطة] فهؤلاء أربعة إضافة إلى القَيْنَتين.
(١١) في التمهيد بزيادةِ: "فيما قاله ابن إسحاق" قلنا وعبارة ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام: ٤/ ٥٢ "وكانت قَينَتان: فَرْتَنَى وصاحبتها، وكانت تغنّيان بهِجَاء رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -".
(١٢) نصُّ الواقدي في مغازيه: ٢/ ٨٢٥ هو "وأمر - صلّى الله عليه وسلم - بقتل ستَّةِ نَفَر وأربع نسوة: عِكْرِمَة بن أبي جَهْل، =

<<  <  ج: ص:  >  >>