للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا قوله "القائم" فَمَثَلٌ ظاهر لما هو فيه من العمل بالمسيرِ إلى العدوِّ، ولمقاتلته ونِكايته.

وأمّا المرتبة الثّالثة وهي الدّوام فليست إِلَّا للمجاهد؛ لأنّ الصَّائم قد يفطر ويطأ ويلتذّ، والقائم قد ينام ويستريح، وعمل المجاهد دائم، فلا يعادِلُ هذا عمل من الأعمال، ولذلك قال النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "الخيل ثلاثة ... " الحديث (١).

تنبيه آخر:

فإن قيل: فإذا كان هذا الفضل على هذه المراتب من الدَّرجة العالية، فهو فرض عَينٍ لا فرض كفاية، فلا يكون فيه تَربُّصٌ على الوالدين بحال، ولا للعبد استشارة سيِّده، ولا إذن له في ذلك؟

الجواب - قلنا: الجهاد لا يخلو من أحد وجهين: إمَّا أنّ يكون فَرض عينٍ أو كفايةٍ، فإن كان فرض عينٍ جازَ للمرءِ عصيان أبَوَيْه، كان كان فرض كفاية لم يجز (٢)، وكذلك العبد له أنّ يخرج بغير إذن سيَّدِه في فَرْضِ العين.

فإذا اشترى الرّجل جهاز الجهاد، ثمّ منعه أبُوه من الخروجِ في فَرْضِ الكفايةِ، فإن كان غنيًّا عندَهُ مال ويقدر على الاستبدال به، باعه واستبدل به إذا جاهد إنَّ كان الجهاز ممّا يُخشَى فساده، كان لم يخش ذلك، فلا يبيعه، والرُّخصة في بَيعِه استحسانٌ.


(١) أخرجه البخاريّ (٢٨٦٠)، ومسلم (٩٨٧) عن أبي هريرة.
(٢) انظر العارضة: ٧/ ١٦٦ - ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>