للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "لَا يَفْتُرُ من صَلَاةٍ وَلَا صِيَامِ" يريد التَّطوُّعَ.

الفائدةُ الثّالثة:

قوله: "لَا يُخرِجُهُ إِلَّا الْجهَادُ في سَبِيلِ الله" (١) يريد: أنّ يكون جهادًا خالصًا للهِ تعالى لا يشوبُهُ طلَب الغنيمة، ولا الَعَطِيَّة للأهل، ولا حبّ الظُّهور، ولا شيء غير الجهاد لتكون كلمة الله هي العلّيا.

الفائدةُ الرّابعة:

قولُه: "مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ" يريد: مع الّذي يناله منهما، فإن أصاب غنيمة فله غنيمة وأجر، لكان لم يصب الغنيمة فله الأجر على كلِّ حالٍ، فتكون "أَوْ" بمعنى "الواو".

ولا نعلم غَازِيًا أعظم أجرًا من أهل بَدْر على ما أصابوا من الغنيمة، لِمَا رَوَى رِفَاعَة ابن رَافع الزُّرَقِيّ (٢) - وكان ممّن شَهِدَ بدرًا- قال: "جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ - صلّى الله عليه وسلم - فَقَالَ: مَا تَعُدُّونَ أهْلَ بَدْرٍ فِيكُم؟ قَالَ: من أَفْضَلِ النَّاسِ، أَوْ قَالَ: من أَفْضَلِ المُسْلِمِينَ، أو كَلِمَةً نَحْوَهَا"، قَالَ: "وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا من المَلَائِكَةِ" (٣).

ورُوِيَ عنه - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال لعُمَر: "وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ الله اطلَعَ عَلَى أَهلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئتُم فَقَد غَفَرْتُ لَكُم" (٤).

حديث مَالِكٍ (٥)، *عن زَيْد بن أَسْلَم، عن أبي صالح السَّمَّان *، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ,


(١) هو جزء من الحديث الثّاني في باب التّرغيب في الجهاد من كتاب الجهاد في الموطَّأ، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
(٢) صحابي جليل، شهد بَدْرًا وأُحُدًا وسائر المشاهد مع رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، توفِّي فى أوّل إمارة معاوية. انظر الاستيعاب: ١/ ٥٠١. [بهامش الإصابة].
(٣) أخرجه البخاريّ (٣٩٩٢).
(٤) أخرجه البخاريّ (٣٩٨٣)، ومسلم (٢٤٩٤) من حديث علي بن أبي طالب.
(٥) في الموطَّأ (١٢٨٣) رواية يحيى، ورواه عن مالك: ابن القاسم (١٧٨)، وأبو مصعب (٩٥١)، وابن أبي أويس كما في البخاريّ (٤٩٦٢)، والقعنبي كلما عند الجوهري (٣٥٣)، وانظر التمهيد: ٤/ ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>