للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُوَّةٍ، هل لأمير الثَّغْرِ أنّ يصالحهم على غير شيءٍ؟ قال: نعم ولا يبعد في المدَّة لما يحدث من قوَّةِ الإسلام.

والأصلُ في ذلك: مهادنة النَّبِيِّ - صلّى الله عليه وسلم - قريشًا عامَ الحُدَيْبِيَّة على غيرِ شيءٍ أخذوه منهم (١)، حتّى قوي الإسلام فلم يقبل ذلك منهم.

الفوائدُ المتعلِّقة بهذا الحديث:

وهي أربع فوائد:

الفائدةُ الأولى:

قوله: "مَثَلُ المُجَاهدِ في سَبيل الله كمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ" وجمحِع أعمال البرِّ في سبيل الله كذلك، إِلَّا أنّ هذه اللّفظة إذا أُطلِقَت في الشّرع اقتضت الغزو في سبيل الله.

وسُئِلَ مالكٌ عن رجل أوصى بماله في سبيل الله؟ فقال: سُبُلُ الله كثيرةٌ، وأَحَبُّ إليَّ أنّ يُجْعَل في الغزو (٢).

ووجهه: ما قدَّمناهُ من أنَّ إطلاق هذه اللَّفظة أظهر في الغزو.

الفائدةُ الثّانية (٣):

قوله: "الصَّائِم الْقَائِم" قال علماؤنا (٤): هذا مَثَلٌ ضربَهُ النَّبِيُّ - صلّى الله عليه وسلم - في تعظيم الأَجْرِ، وإن كان أحدٌ لا يستطيع أنّ يكون قائمًا مصلَّيًا لا يَفْتُر ليلًا ولا نهارًا.

ويحتمل أنّ يكون أراد بذلك التّكثير في الأجر، والله أعلمُ.


(١) انظر السيرة النبرية لابن هشام: ٢/ ٣١٦ - ٣١٩.
(٢) وجاء في المدوّنة أيضًا: ١/ ٢٩٨ - ٢٩٩ "وسألت مالكًا عن الرَّجل يوصي نفقته في سبيل الله؟ فقال: يبدأ بأهل الحاجة الذين في سبيل الله، قال: وكلمته في غير مرّة، فرأيت قوله: إنّه يبدأ في جميع ذلك بالفقراء". وانظر العتبية: ٢/ ٥٢٠، ٥٤٨ - ٥٤٩، والنوادر والزيادات: ٥٢٣ - ٥٣٨.
(٣) هذه الفائدةُ مقتبسة من تفسير الموطَّأ للبوني، لوحة: ٦٦/ أ.
(٤) المقصود هو الإمام البونى.

<<  <  ج: ص:  >  >>