للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لترعى فيه، فجعلت تجري من شَرَفٍ إلى شَرَف (١)، فهذا كلّه حسنات لصاحبها؛ لأنّه أراد باتِّخاذها وجه الله تعالى والجهاد في سبيله، فكيفما تقلَّبت بها الحال كان ذلك له بها حسنات.

الثّالثة (٢):

قولُه "لِرَجُلٍ سِتْرٌ" هو الّذي يتّخذُها مَكْسَبًا يتعفَّفُ بها عن المسألة، ويقيمُ حقَّ الله تعالى في رِقابِها وظُهورها إذا تَعَيَّن عليه الغَزوُ عليها، فهذا مأجورٌ عليها.

الرّابعة:

قولُه: "وَعَلَى رَجُلٍ وِزرٌ" هو الّذي ربطها فَخرًا ورياءًا، ونِوَاءًا لأهل الإسلام؛ لأنّه لم يُرِدْ بذلك شيئًا من الخير، وإنّما يُؤجَرُ بالنِّيَّةِ.

قولُه: "نِوَاء" بفتح النّون وكسرها، ونوَاءَ ممدود وغير ممدود، وأصلها من: ناءَ إليك ونُؤتَ إليه (٣)، أي: نهض إليك ونهضتَ إليه (٤).

وقال علماؤنا (٥): وهذا الحديثُ أصلٌ في اكتساب المالِ وإنفاقه، فمن اكتسبه من


= أقبلتْ وأدبرتْ تجري وتَمرَحُ". ويقول اليَفْرُني التلمساني في الاقتضاب في شرح غريب الموطَّأ: لوحة ٥٠/ ب - ٥١/ أ [٢/ ٥]، "الاستنان المرحُ والنّشاطُ واللَّعِبُ، والاستنان أيضًا الإسراع" وانظر شرح الموطَّأ للبوني: لوحة ٦٦/ أ.
(١) يقول اليَفْرُنيّ التَّلمساني فى الاقتضاب في شرح غريب الموطَّأ: لوحة ٥١/أ [٢/ ٦] "الشَّرَفُ: الموضعُ المرتفع من الأرض"، وأمّا ترخيص ابن القاسم في الاستمتاع بركوب الدّابة ولباس الثّوب، فمعناه -والله أعلم-: "إذا كان المستمتع بهما مفتقرًا إلى ذلك من علّة نزلت به ولا يجد ... ما يَكِنُّه [أي يستره]، من حرٍّ أو برد، فهذا كان كذلك، فجانز أنّ يستمتع بهما وبما كان في معناهما. وقد يكون الرّكوب واللّباس اللذان يرخص فيهما ممّا لا ينهك المركوب ولا الملبوس ولا ينقص قيمتهما، والله الموفق للصواب".
(٢) انظرها في القبس: ٢/ ٥٨٠.
(٣) أي ناهضته بالعداوة، انظر شرح غريب الموطَّأ لابن حبيب: الورقة ٦٥، [١/ ٣٤٨] والاقتضاب
لليفرني: لوحة ٥١/ أ [٢/ ٨].
(٤) انظر نحو هذا الشرح عند البوني في تفسير الموطَّأ: اللوحة ٦٦/ ب، وشرح البخاريّ لابن بطّال: ٥/ ٦٣.
(٥) المراد هو القنازعي فى تفسير الموطَّأ: الورقة ٢١٢. وما بين القوسين مقتبسٌ منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>