للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الأولى (١):

نَهْيُهُ - صلّى الله عليه وسلم - أنّ يُسَافَرَ بالقرآن إلى أرضِ العدوِّ, فإنّه يريدُ بذلك المُصْحَف لَمَّا كان القرآن مكتوبًا فيه فسمّاه قُرءانًا (٢)، ولم يرد ما كان منه محفوظًا في الصَّدر؛ لأنّه لا خلاف أنّه يجوز لحافظ القرآن الغزو (٣)، وإنّما لهذا المعنى الّذي فسّره مالك "مَخافَةَ أنّ يَنَالَهُ العَدُوُّ" فيمسوه بأيديهم، لقوله: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} (٤) وهو خبر البارئ سبحانه إذا أخبر عن شيءٍ فلا يصحّ أنّ يكون ذلك الشّيء بخلاف الخبر.

المسألة الثّانية (٥):

قوله: "لا يُسَافَرُ" والسّفر اسمَ واقعٌ على سَفَرِ الغزو وغيره.

وقال ابن سحنون: قلت لسحنون: أجاز بعض العراقيِّين الغزوَ بالمصاحِف إلى أرضٍ العَدُوِّ في الجيش الكبير؟ فقال: لا يجوز ذلك لنهيه - صلّى الله عليه وسلم - عن ذلك عامَّا، وقد يناله العدوِّ من جهة الغفلة (٦).

والدّليل على ما ذهب إليه سحنون: أنّه لا قوّة فيه على العدوِّ، وليس هو ممّا يستعان به على حَرْبِه، وقد يناله بشغل صاحبه عنه كما قال (٧)، وقد يناله بالغَلبَةِ أيضًا.

المسألة الثّالثة (٨):

ولو أنّ أحدًا من الكفّار رَغِبَ أنّ برسل إليه مصحف يتدبّره، لم يرسل إليه؛ لأنّه


(١) القسم الأوّل من هذه المسألة مقتبس من المنتقى: ٣/ ١٦٣.
(٢) يقول البوني في تفسير الموطَّأ: لوحة ٦٦/ ب "وهذا يدلُّ على أنّه لا يمس المصحف إِلَّا طاهر، إكرامًا للقرآن وتعظيمًا، والرّق والمداد مخلوقان، والقرآن صفة من صفات الله عَزَّ وَجَلَّ، ليس بخالق ولا مخلوق".
(٣) تتمة الكلام كلما في المشقى: "وإنّما ذلك لأنّه لا إهانة للقرآن في قتل الغازي، وإنّما الإهانة للقرآن بالعبث بالمصحف والاستخفاف به".
(٤) الواقعة: ٧٩.
(٥) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ١٦٣.
(٦) أورده ابن أبي زبد فى النّوادر والزِّيادات: ٢٧ - ٢٨.
(٧) أي سحنون.
(٨) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ١٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>