للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنزل إليهم فقتلوه، فقال عمر (١): "وَالذي نفسي بِيَدِهِ لا يفعلُ ذلك أحد إِلَّا ضربتُ عُنُقهُ" (٢).

قال مالك (٣): "ليسَ العملُ على هذا الحديث" يعني: على ضرب العنق, فإنّه لا أقلّ من أنّ يكون معاهدًا ,ولو قتله لم يقتل عليه (٤).

الفقه في مسائل:

المسألة الأولى في صفة التّأمين، والثّانية في وقته، والثالثة في وصف المؤمّن،

والرّابعة فيما ثبت به التّأمين، والخامسة في مقتضاه.

المسألة الأولى: في صفة التّأمين (٥)

فإنّه لازم بكلِّ لسانٍ فهمه المؤمّن أو لم يفهمه، والاعتبار فيه بإحدى الجنبتين، فإذا أراد المؤمّن التّأمين ولم يفهمه الحربيّ فقد لزمه الأمان، وكذلك إن أراد المؤمّن منع الأمان فظنَّ الحربيّ أنّه أراد التّأمين، فقد لزم من الأمان أنّ لا يقتله بذلك الاستسلام، وحكم الإشارة في ذلك حكم العبارة والكنابة؛ لأنّ التّأمين إنَّما هو معنى في النّفس، فيظهره تارة بالنُّطق، وتارة بالكناية، وتارة بالإشارة، فكلُّ ما يتبين به التَّأمين فإنَّه يلزم كالكلام (٦).

قال القاضي - رضي الله عنه -: أمّا الإشارةُ بالأمان، فلا خلاف أعْلَمُه فيها (٧)، وهي ماضيةٌ إذا كانث معهودة بينهما، فالإشارةُ تقوم مقامَ الكلام في كلِّ مَوْطِنٍ.


(١) في: حديث الموطَّأ السابق ذكرُهُ.
(٢) يقول البوني في تفسير الموطَّأ: ٦٧/ ب "يحتمل قسم عمر أنّ يكون على وجه التّغليظ، لئلّا يفعل ذلك أحدٌ، فلو فعله أحدٌ لكفَّر عمرُ يمينَهُ ولم يضرب عُنُقَه، وكذلك تفعل الأئمة تُخَوَّفُ بأغلظ شيءٍ ويكون ردعًا لأهل المعاصي. ويحتمل أنّ يكون رأي إن قاتَلَهُ لأخذ سَلَبه بعد إن آمنه محاربًا، فيجب عليه القتل بالحرابة، لا على أنّه يجب قتل المسلم بالكافر؛ لأنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: لا يقتل مسلم بكافر".
(٣) فى المرطا (١٢٩٤) رواية يحيى.
(٤) لأنّه لا يقتل مؤمن بكافر.
(٥) الفقرة الأولى من هذه المسألة اقتبسها المؤلِّف من المنتقى: ٣/ ١٧٢، والباقي مذكور في القبس: ٢/ ٥٩٩.
(٦) وهو الّذي قاله سحنون كما في النّوادر والزِّيادات: ٨٤.
(٧) والى هذا ذهب. بن عبد البرّ في الاستذكار: ١٤/ ٨٧، وانظر الانجاد لابن المناصف: ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>