للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تركيب:

قال القاضي -رضي الله-: ونزلت بدِمَشْقَ نازلةٌ (١)، وهي أنّ رجلًا أبْكَمَ كان يصلِّي، فكلمَّه رجلٌ، فأشار إليه الأبكم بجوابه، فاختلف النَّاسُ: هل تبطُلُ صلاةُ الأبكم بتلك الإشارة، أم لا تبطُلُ؟

قال شيخنا أبو الفتح (٢): لا تبطُلُ؛ لأنّ الإشارة في الصّلاة لا تُبطلُها إجماعًا.

وقال الطّوسي (٣): تبطُلُ صلاتُه؛ لأنّ إشارتَه في الصّلاة كلامُه، فالإشارةُ منه كالكلام، والكلامُ محرّمٌ على الأبكم في الصّلاة.

المسألة الثّانية (٤): فى وقت التّأمين

قال علماؤنا: التّأمين لازم مالم يكن الحربيّ مأسورًا، أو في حُكم المأسور ممّن تيقّنت غَلَبته، وأمّا المأسور فإمره إلى الإمام، ليس إلى غيره الافتيات عليه فيه، كما أنّه ليس لغير الإمام استرقاقه، ولا عَقْد الذِّمّة له، كذلك ليس له تأمينه والمنّ عليه (٥)، فإن الإمام فيه مُخيَّرٌ بين خمسة أشياءَ: القتلُ، والمنُّ، والفِداءُ، والرِّقّ، والجِزيةُ.

وقال الشّافعيّ (٦): يجوز، لقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "المؤمنون يدٌ واحدةٌ على من سِوَاهُم، ويسعَى بِذِمَّتِهِنم أذناهُمْ" (٧)، فقال: هذا دليل على أنّ المسلمين كلهم يُجيرُونَ، وإنّما الخلاف في إجارة العبد والمرأة والصَّبِىِّ.

والدليل على أنّ خطاب النِّساء لا يدخل في خطاب الرِّجال، قوله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} الآية (٨)، فلو دخل خطاب النّساء في خطاب الرجال لما ذكر في هذه المسألة النِّساء بذكر ثانٍ.


(١) سمع المؤلِّف بهذه النازلة سنة: ٤٨٩ كما صرح بذلك في العارضة: ٢/ ١٦٣.
(٢) هو نصر بن إبراهيم المقدسيّ (ت. ٤٩٠).
(٣) هو أبو حامد الغزالي.
(٤) الفقرة الأولى من هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: ٣/ ١٧٢.
(٥) إلى هنا ينتهي النقل من المنتقي وانظر يأتي الفقرة في القبس: ٢/ ٥٩٨.
(٦) فى الأمَّ: ٩/ ٢٣١.
(٧) أخرجه مطولًا أبو داود (٤٥١٩)، والنسائي: ٢/ ٢٤٠، والبيهقي: ٨/ ٢٩، كلهم من طريق قتادة عن الحسن. وانظر نصب الراية: ٣/ ٣٩٣، ٥٨٠٢ - ٥٨٠٧.
(٨) الاحزاب: ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>