للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تركيب (١):

ولو أشرف المسلمون على أخذ حِصْنٍ وتيقّن أخذه، فأمَّنَ أهله رجل من المسلمين، كان للإمام ردّ تأمينه، قاله سحنون (٢)؛ لأنّه حق المسلمين قد تعلَّق بهم، فليس لهذا المؤمّن إبطاله، ولو تقدّم الإمام بمنع النَّاس (٣)، ثمّ تعدَّى بعد ذلك رجلٌ من المسلمين فأمّن أحدًا، ردّ الإمام تأمينه، وردّ الحربيّ إلى ما كان عليه قبل الأمان.

المسألة الثّالثة (٤): فى صفة المؤمّن

فالمؤمّن على ضربين: آمنٌ، وخائف.

فأمّا "الآمن" فهذا اجتمعت فيه صفات الأمان وهي خمسة: الذُّكوريَّة، والحُرَّيَّة، والبلوغ، والعقل، والإِسلام، جاز تأمينُه عند مالك.

وقال ابن الماجشُون: لا يلزم تأمين غير الإمام، فإن أمَّن غيره، فالإمام بالخيار بين أنّ يمضيَهُ أو يردَّهُ (٥).

والأصل فيما ذهب إليه مالك قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "في ذِمَّةُ المُسلِمينَ وَاحِدةٌ، يَسعَى بِهَا أَدْنَاهُم، فمن أَخفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيهِ لَعنةُ الله وَالمَلاَئكَة وَالنَّاس أَجمَعَين، لا يُقْبَلُ منه صَرْفٌ ولا عَدْلٌ" (٦).

ومن جهة القياس: أنّ هذا مسلمٌ يعقل الأمان، فجاز أَمَانُهُ كالإمام.

أمّا "الأنوثة" فلا تمنع صحَّة الأمان (٧).

وأمّا "الحرية"، فقد اختلف أصحابنا في مراعاتها فقال ابن القصّار: لم أجد فيها نصًّا لمالك (٨)، ولكنّهم يحكمون بلزوم أمان العبد، ونراه قياس قول مالك.


(١) هذا التركيب مقتبس من المنتقى: ١٧٢ - ١٧٣.
(٢) انظر نحو هذا القول في النوادر والزيادات: ١١٢ - ١١٣.
(٣) أي منعهم من التّأمين.
(٤) هذة المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ١٧٣.
(٥) قول عبد الملك نقله القاضي فى المعونة: ١/ ٦٢٣، وابن شاس في عقد الجواهر الثمينة: ١/ ٤٨٠. وقال نحوه ابن حبيب في الواضحة، كما نصّ على ذلك ابن أبي زيد في نوادره: ٨٨ - ٨٩.
(٦) أخرجه مطؤلًا البخاريّ (٣١٧٩)، ومسلم (١٣٧٠) من حديث علي.
(٧) يقول مالك في المدؤنة: ١/ ٤٠٠: "أمان المرأة جائز"، وفي الموازية: "قال مالك وأصحابه: أمان المرأة جائز على جميع الجيش، وعلى جميع المسلمين" عن النوادر والزيادات: ٩١. وذكر ابن عبد البرّ في الكافي: ٢١٠ أنّ هذا هو قول مالك وجمهور أهل العلم.
(٨) عبارة ابن القصار كما في عون المجالس: الورقة ٢٩ "ولم أجد لمالك - رحمه الله - نصًّا في أمان =

<<  <  ج: ص:  >  >>