للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه ما قاله سحنون: أنّ التّأمين فعل المؤمّن، وإلزام سائر المؤمنين تأمينه لا يثبت بقوله، وإنّما يثبت بشهادة غيره.

ووجه الثّاني: أنّ هذا شخصٌ يَصِحُّ أمَانُه، فوجب أنّ يُقْبَلَ قولُه كالإمام.

المسألة الخامسة (١): في مقتضى التّأمين

فإنّه على ضربين:

أحدهما: التّأمين المطلق الذي لا مخافة بعده أنّ لا يحدث.

والثّاني: تأمين مترقَّب.

فأمّا الأوّل: فمثل أنّ يؤمّن الإمام الرَّجل والجماعة تأمينًا مطلقًا، فهذا يقتضي كونه تأمينًا من القتل والاسترقاق، فإن أراد البقاء في بلاد المسلمين على أداء الجزية، كان له ذلك، وان أراد الرجوع إلى حيث شاء من بلاد الرُّوم، فهو آمن حتّى يبلغ موضع امتناعه من بلاد الحرب، وهذا حكم من أمّنه المسلم الجائز الأمان.

وأمّا التّأمين المترقب: فهو أنّ ينظر فيه الإمام، فإن رآه صوابّا أمضاه وإلَّا ردّه، وهذا مذهب مالك وابن الماجشون (٢).

وقال سحنون: إنَّ التّأمين أنّ لا يكون لأحدٍ من الجيش قتل المؤمَّن، وينظر الإمام في حاله (٣)، وهو الصّواب (٤) إنَّ شاء الله.


(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: ٣/ ١٧٣ - ١٧٤.
(٢) انظر عقد الجواهر الثمينة: ١/ ٤٨٠.
(٣) تتتة الكلام كما في المنتقى: " ... فإن رأى التّأمين صوابًا أمضاهُ وإلّا ردّه إلى مأمنه"، ولعلّ هذا أنّ يكون تجوّزًا ممّن يقوله من أصحابنا.
(٤) عبارة الباجي هي كالتّالي: "والصواب عندي: أنّ يُرَدَّ إلى مثل الحالة الّتي كان عليها قبل التّأمين، ولو لزم ردّه إلى مأمنه لكان أمانًا تامًّا، فهذا عند سحنون هو التّأمين الصّحيح".

<<  <  ج: ص:  >  >>