للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخل الجنَّة لم يبلغ انتصاره منه.

وقال أبو الوليد الباجي (١): "إنّما قال ذلك عمر إشفاقًا للمسلم" (٢).

وفي هذا الحديث (٣): أنّ قاتل المؤمنين في مشيئة الله لا يُقطَع له بالوعيد، وإنّما قتله رضي الله عنه أبو لؤلؤة عبدٌ نصرانىٌّ للمغيرة بن شعبة.

حديث عبد الله بن أبي قتادة (٤)، عن أبيه, أنَّه قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إنْ قُتِلْتُ في سبيل الله صابرًا محتسبًا، مقبلًا غير مدبرِ، أَيُكَفِّرُ الله عني خطاياي؟ فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "نَعَم" فلما أدبر الرَّجل، ناداه رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، أو أمر به فنودي له، فقال له رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "كَيفَ قُلْتَ" فأعاد عليه قوله. فقال له النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -:"نَعَمْ، إِلَّا الدَّينَ، كَذَلِكَ قَالَ لِي جِبْريلُ".

الإسناد:

قال القاضي - رضي الله عنه -: هذا حديثٌ صحيحٌ (٥)، إِلَّا أنّ العلماء اختلفوا فيه: فقيل: إنّه منسوخٌ بقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "مَنْ مَات وَعَلَيهِ دَين فَنَحْنُ أَحَق بِقَضَائِهِ (٦) "، وكان في أوّل الإسلام لا يُصَلَّى عليه، ثُم كان بعد ذلك يُصَلَّى عليه، وإنّما قال: "فَنَحْنُ أَحَقُّ بهِ" يريد: أداؤه من بيت مال المسلمين.

وقال غيره: إنّما كان ذلك قبل أنّ يفرض الزَّكاة، فلمّا فُرِضَتِ الزْكاة جعل اللهُ


(١) في المنتقى: ٣/ ٢٠٥ وعبارة الباجي هي كالتالي: "ويحتمل أنّ يقولها إشفاقًا على المؤمنين".
(٢) وفي هذا المعنى يقول البوني فى تفسيره للموطَّأ: ٦٩/ أ "قيل: إنَّ هذا من عمر - رضي الله عنه - على وجه الإشفاق على من وحّد الله عَزَّ وَجَلَّ ألَّا يُقْتَلَ من أجل قتله إياه، فدعا أنّ لا يقتله أحد من أهل التّوحيد لئلّا ينفذ عليه الوعيد".
(٣) هذه الفائدةُ اقتبسها المؤلِّف من تفسير الموطَّأ للبونيْ: لوحة ٦٩/ أ.
(٤) في الموطَّأ (١٣٢٨) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٩٣٣)، وعبد الرّحمن بن القاسم (٥٠٧)، وابن بكير: لوحة ٧٤ (الظاهرية) ومصعب الزببري في حديثه: ١٣٢ (٢٠١)، والشّافعيّ عند الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٣٦٥٦)، وابن وهب في المصدر السابق (٣٦٥٥).
(٥) أخرجه مسلم (١٨٨٥) من غير طريق مالك.
(٦) أخرجه البخاريّ (٦٧٣١)، ومسلم (١٦١٩) من حديث أبي هريرة، بلفظ: " ... دَيْنٌ ولم يترك وفاءً فعلينا قضاؤه".

<<  <  ج: ص:  >  >>