للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للغارمين فيها حقًّا، فعلى الإمام أنّ يؤدِّي عنه إذا كان الدَّيْن في غير فساد ولا ظلم، فإن لم يفعل فإثمه عليه.

الفقه في ثلاث مسائل:

المسألة الأولى (١):

قال بعضُ علمائنا: معنى ذلك أنّ حقوق الآدميِّين لا تكفِّرها الحسنات، وهذا وجهٌ محتملٌ، وقد كان - صلّى الله عليه وسلم - في أوَل الإسلام يمتنع من الصَّلاة على من مات وعليه دَينٌ لم يترك له قضاء، وظاهرُ ذلك أنّه إنّما قال ذلك لِئَلَّا يسرع النَّاس إلى أكل أموال النَّاس بغير حاجةٍ ولا رِفْقٍ في إِنْفَاقٍ، ثّمّ يموتُ من ماتَ منهم ولا يترك قضاءً فيذهب بأموال النَّاس، ثمً إنَّ النَّبِىَّ - صلّى الله عليه وسلم - لمَّا فَتح اللهُ عليه بالمالِ قال: "أَنَا أَوْلَى بِالُمؤمِنِينَ من أنْفُسِهِم، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أوْ ضياعًا فعليّ وإلىّ (٢) ".

ويحتمل أنّ يكون النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - قال لهذا السائل: "إلَّا الدَّين" إنّما كان يمتنع من الصَّلاةِ على من ترك كلأً أو دَيْنًا لا وفاءَ له، فيكون على عمومه.

ويحتمل أنّ يكون قاله بعد ذلك، ويكون معنى قوله: "إِلَّا الدَّين" لمن أَخَذَهُ يريد إتلاف أموال النَّاس، ويأخذه من غير وجهه، ويُنْفِقُهُ في سَرَفٍ أو معصيةٍ، فهذا حُكمُهُ باقٍ في المنعِ.

ويحتمل قوله: "إِلَّا الدَّين" فيمن كان عليه دَيْنٌ وهو جاحدٌ له وقد ترك وفاء له، فهذا ليس على الإمام أنّ يؤدِّيه، وإثمه عليه.

ويحتمل أنّ يكون الّذي أخذه يريد إتلافه، لقوله عليه السّلام: "مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتلَفَهُ اللهُ في النَّارِ" (٣) واللهُ أعلمُ.


(١) اقتبس المؤلِّف هذه المسألة من المنتقي: ٣/ ٢٠٦.
(٢) أخرجه البخاريّ (٢٢٩٨، ٢٣٩٩)، ومسلم (١٦١٩) عن أبي هريرة، مع اختلاف في اللّفظ.
(٣) أخرجه البخاريّ معلقًا في كتاب الزَّكاة (٢٤) باب لا صدقة إِلَّا عن ظهر غنى (١٨)، وابن ماجه =

<<  <  ج: ص:  >  >>