للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَهُ؛ لأنَّه لا يعلم باستدامتهم للأمر الصّالح، ولم يطَّلِع عند موتهم على أنّهم ختموا أعمالهم بما يرضي الله تعالى.

المسألة الثّانية (١):

قوله: "بَلَى، وَلَكِنْ لَا أَدْرِي مَا تُحْدِثُونَ بَعْدِى" قال قومٌ: إنَّ الخطّاب وإن كان متوجّهًا إلى أبي بكر فإنَّ المرادَ به غيره ممّن لم يعلم بحاله وعمله، وأمّا أبو بكر- رضي الله عنه - فقد أُعْلِمَ أنّه من أهل الجنّة، ولكن لمّا سأَلَ بلفظٍ عام ولم يخصّ نفسه بالسّؤال عن حاله كان الجواب عامًّا (٢).

ويحتمل أنّ يكون النّبىُّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: هؤلاء أنا أشهد عليهم بما شاهدتُ من أمرهم في الجهاد، ولذلك لم يقل: أنا أشهد لمن حضر ذلك اليوم وسَلِمَ من القتل، كعليّ وطلحة وأبي طلحة، وغيرهم ممّن قاتل ذلك اليوم، ومن هو أفضل ممّن قاتل ذلك اليوم، لكنّه خصّ هذا الحُكْم بمن شاهد جِهَادَهُ.

حديث مالك (٣)، عن يحيى بن سعيد, قال: كان رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - جالسًا وقبرٌ يُحفر بالمدينة. فاطَّلع رجلٌ في القبر، فقال: بئس مضجع المؤمّن. فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "بِئسَ مّا قُلْتَ" فقال الرَّجلُ: إنِّي لم أرد هذا يا رسول الله، إنّما أردت القتل في سبيل الله. فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -:" لَا مِثْلَ لِلْقَتْلِ في سَبِيلِ الله. مَا عَلَى الأَرْضِ بُقعَةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَىَّ أَنْ يَكُونَ قَبْري بِهَا مِنْهَا، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ".


= مع غنائه وانتفاع المسلمين بجهاده واجتهاده؛ لأنّ ذلك لا ينفع إِلَّا مع الإيمان والنِّيَّة السالمة أنّ يكون جهاده لتكون كلمة الله هي العلّيا".
(١) اقتبس المؤلِّف هذه المسألة من المنتقى: ٣/ ٢٠٧ - ٢٠٨ مع بتصرَف.
(٢) تتمّة الكلام كما هو في المنتقى: "وقد بين تخصيصه بأنّه ليس ممّن يحدث بعد النّبىّ - صلّى الله عليه وسلم - شيئا ممّا يحبط عمله بما تقدّم وتأخّر عن هذا الحال من تفضيل النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - له، وإخباره بما له عند الله من الخير وجزيل الثّواب وكريم المآب".
(٣) في الموطَّأ (١٣٣٠) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٩٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>