للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة:

واختلفَ العلّماءُ في معونة المُبَارِز: فمنهم من منع، ومنهم من رخّص، فمن رخّص في ذلك (١): أحمد (٢) وإسحاق. وقال أحمد: أليس قد أعانوا يومَ بَدْرٍ بعضهم بعضًا، وبهذا المعنى قال الشّافعيّ (٣). وقال: لا بأس أنّ يعينه على غيره، وذَكَرَ قصّة عليّ وحمزة وعُبَيْدَة ومعونة بعضهم بعضًا. وأكثر العلماء على أنّ المعونة في البِرَازِ جائزةٌ.

حديث مالك (٤)، عن يحيى بن سعيد، عن معاذ بنْ جبل, أنّه قال: الغزو غزوان: فغزوٌ تُنفق فيه الكريمةُ، وُيياسر فيه الشّريكُ، ويُطاع فيه ذو الأمرُ، ويُجتنب فيه الفسادُ، فذلك الغزو خيرٌ كلُّه. وغزوٌ لا تُنفق فيه الكريمة، ولا يُياسر فيه الشّريك، ولا يُطاع فيه ذو الأمر، ولا يُجتنب فيه الفسادُ، فذلك الغزو لا يَرجِعُ صاحبُهُ كفافًا.

الإسناد:

قال القاضي - رضي الله عنه -: المعنى في هذا الحديث صحيحٌ (٥) , وكذا خُرَّجَ في المصنَّفَاتِ (٦).

وفيه ثلاث فوائد:

الفائدةُ الأولى (٧):

قوله: "تُنْفَقُ فِيهِ الكَرِيمَةُ" يريد كرائم الأموال.

ويحتملُ أنّ يريد بالكريمةِ أفضل المتاع، مثل أنّ يغزو على أفضل الخيل، وبأفضل


(١) بقول سحنون: "ولو أنّ ثلاثة أو أربعة بارزوا مثلهم، جاز معاونة بعضهم بعضًا، مثل أنّ يفرغ احدهم من صاحبه من الكفار، فلا بأس أنّ يعين أصحابه" عن النوادر: ٥٦.
(٢) إلّا إذا شرط الكافر الذى يطلب البِرَزَ أنّ لا يُعينَ الذى يبارزُه غيرَهُ، فله شرطه. انظر الشرح الكبير: ١٠/ ١٤٩.
(٣) قاله في الأم: ٤/ ٢٤٣ (ط. النجّار).
(٤) في الموطَّأ (١٣٤٠) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٩١٢).
(٥) وهو موقوف عند مالك.
(٦) أخرجه أحمد: ٥/ ٢٣٤، والدارمي (٢٤٢٢)، وأبو داود (٢٥٠٧)، والنسائى: ٦/ ٤٩ وفي الكبرى (٨٧٣٠)، وابن عبد البرّ: ١٤/ ٣٠٠ عن معاذ بن جبل عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -.
(٧) اقتبس المؤلِّف هذه الفائدةُ من المنتقى: ٧/ ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>