للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرعٌ (١):

وقد اختلف العلماء أيضًا إذا قاتل من يُؤمَر بدعوته ولم يدعه فقتله، هل عليه الدّية أم لا (٢)؟ وحُجَّتنا النّهي عن قتالهم قبل الدّعوة لا تُوجِبُ مخالفته الدِّية كقتل النِّساء والصِّبيان.

وحُجَّةُ من قال بالدِّية: عموم الأحاديث الآمرة بالدّعوة، وقد قال ابنُ القصّار محتجًّا لمن يَنْفي الدِّية: لو أقام مسلمٌ بدار الحرب مختارًا لذلك وهو قادرٌ على الخروج منها، فوقع قتله أيضًا خطأ، فإنّه لا تؤدّى دِيَته، والله الموقق للصّواب.

الفائدةُ الرّابعة (٣):

وقد اختلف المذهبُ في ذلك:

فقال مالك: أحبُّ إلىَّ أنّ يُدْعَوْا قبل القتال, بَلَغَتْهُمُ الدّعوة أم لم تبلغهم (٤)، إِلَّا أنّ يعُجَّلوا (٥)، سواء قربوا أو بعدوا (٦).

وقال عنه ابن القاسم: لا يبيتوا حتّى يدعوا (٧).

ووجه رواية ابن القاسم: ما رُويَ عن علي - رضي الله عنه - أنّه قال للنبي- صلّى الله عليه وسلم - يوم


(١) وهو الفائدةُ الثّالثة، وهي مقتبسة من المعلم بفوائد مسلم: ٣/ ٩.
(٢) تتمة الكلام كما في المعلم: "فمذهب مالك وأبي حنيفة: لا دية عليه، ومذهب الشّافعيّ أنّ عليه الديّة".
(٣) هذة الفائدةُ مقتبسة من المنتقى: ٣/ ٢١٧.
(٤) قال ابن سحنون:"وقيل: الدّعوة واجبة في كلِّ أحد، بَعُدَت دارُهُ أو قرُبَت، قاله عمر بن عبد العزيز وغيره، وقاله مالك وأكثر العلماء" عن النوادر والزيادات: ٣٧.
(٥) وهو الذى أشار إليه ابن أبي زيد في الرسالة: ١٨٩، وابن الجلّاب في التفريع: ٣٥٧.
(٦) انظر هذا القول في العارضة: ٧/ ٣٦، وورد في النوادر والزيادات: ٣٨ "قال ابن سحنون: وقال أيضًا مالك: الدّعوة أصوبُ إِلَّا أنّ يعاجلوكلم. قال ابن القاسم: غزوناهم أو جاءونا. وقد قال أيضّا مالك: لا يُدْعى من قَرُبَ من الدّروب، وأمّا من بَعُدَ وخيف إِلَّا يكونوا كهؤلاء فليدعوا".
(٧) نحوه في الموازية، نصّ على ذلك ابن أبي زيد في النوادر: ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>