للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحاب الحديث، إلى أنّ قال عبد الله: أَزِلْ عنَّا نَتَنَ حمارِك، فقال له رجل من أصحاب النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: واللهِ إنَّ حمارَ رسولِ الله - صلّى الله عليه وسلم - أطيبَ ريحًا منكَ، فتعصب لعبد الله رجل من قومه، فتسابَا وتضاربا، فنزلت الآية: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} الآية (١)، أدخله البخاريُّ حُجَّةً على أهل الصُّلْح وليس بصلح، ولا هو حُجّة؛ لأنّه لا يصلح الصّلح بين المسلم والمنافق (٢)، والحديث غير معمولٍ به، وهو أيضًا مقطوع (٣).

والدليل أيضًا على أنّ الصلح واجبٌ: أنّ الكذب يجوزُ فيه وهو حرام، وإنّما رخّص في جوازه كونه واجبًا، ألَا ترى أنّه يجوز الكذب للمرأة. وقال النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -: "لَا يجُوزُ الْكَذِبُ إِلَا في ثلَاث: للمرأة، والصلح بين الرّجلين، وفي الحرب" (٤)، وقيل: للإمام الجائر، وأكثر العلماء على أنّ الصُّلْحَ جائزٌ.

فرعٌ (٥):

فأمّا "الْعَنْوَةُ" فكل ما صار إلى المسلمين على وجه الغَلَبَةِ من أرض أو غيرها،


(١) الحجرات: ٩، وانظر أحكام القرآن: ٤/ ١٧١٥.
(٢) وقد استشكل ابن بطّال في شرحه للبخاري: ٨/ ٨٠ نزول الآية المذكورة في هذه القصة؛ لأنّ المخاصمة وقعت بين من كان مع النَّبىِّ من أصحابه، وبين أصحاب عبد الله ابن أبيّ، وكانوا إذ ذاك كفّارًا، فكيف ينزل فيهم {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}.
(٣) إذ أعلّه الحافظ الإسماعيلي بأن سليمان لم يسمعه من أنس، فجميع الروايات - كما قال ابن حجر - ليس فيها تصريح بتحديث أنس لسليمان التيمي. انظر فتح الباري: ٥/ ٢٩٨.
(٤) أخرجه - مع اختلاف في الألفاظ: ابن أبي شيبة: ٩/ ٨٥، وأحمد: ٦/ ٤٥٤، ٤٥٩، ٤٦٠، والترمذي (١٩٣٩) وقال: "هذا حديث حسنٌ غريب لا نعرفه من حديث أسماء إِلَّا من حديث ابن خُثَيْمٍ"، كما أخرجه ابن عدي في الكامل: ١/ ٤٠، والبغوي (٣٥٤٠) كلهم من طريق ابن خُثَيْم، عن شهر ابن حَوْشَب، عن أسماء.
(٥) اقتبس المؤلِّف هذا الفرع من المنتقى: ٣/ ٢١٩ - ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>