للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى في "العتبية" (١) يحيى عنِ ابنِ القاسم أنّ أهلَ الصُّلْحِ يورثون على حسب مواريثهم.

فإذا قلنا: يورثون، فإنّ أرضه وماله لورثته، فإن لم يَدَع وارثًا، فقد قال ابن حبيب (٢): إذًا كانت الجزية على جماجمهم، فمن مات * منهم ولم يدع وارثًا، فأرضه وماله للمسلمين كَمَيَّتٍ لا وارثَ له. وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم في "العتبيّة" (٣) أنّه من مات * من أهل الصّلح ولا وارِثَ له من أقاربه، فميراثه لأهل خراجه وما صُولحوا عليه (٤).

فإذا قلنا: من مات منهم ولا وارثَ له فميراثُه لجماعة المسلمين، كيف يُعْرَف من له وَرَثَةٌ ممّن لا وَرَثَةَ له، ونحن لا نعلم مواريثَهُم، فروى يحيى عن ابن القاسم: ذلك إلى أهل دينهم وأساقفتهم (٥)، فإن قالوا: له وارث، سُلِّمَ ذلك إليه، وإن قالوا: لا


(١) ٤/ ١٩٩ في سماع يحيى بن يحيى من ابن القاسم, من كتاب الصّلاة.
(٢) فى كتابه, كما نقل ذلك ابن أبي زيد في النوادر: ٤٥٩, وقال ابن حبيب عقب قوله هذا: "وكذلك فسَّرَ لي مَنْ كاشَفْتُه من أصحاب مالك وغيرهم, وجاءت به الآثار".
(٣) ٤/ ١٩٩, وعنه ابن أبي زيد في النوادر: ٤٦٠ - ٤٦١.
(٤) بعد هذه العبارة، ورد في النسختين: "وأمّا إذا مات وكانت الجزية صلحا على جماجمهم فإن مات وترك مالًا ولا وارث له، فإنّه لجماعة المسلمين، والظّاهر أنّ هذه العبارة هي لابن حبيب وكان حقها أنّ تُقدَّم، وقد سبق أنّ استدركناها في موضعها من المتن.
وَوَجَّهَ الباجي هذه الأقوال بقوله: "ووجه قول ابن القاسم أنّ ذلك في أهل الصُّلْح إذا قوطعوا على شيء يكون على جماعتهم في الجملة، فهؤلاء من مات منهم ولا وارثَ له فما له وأرضه لأهل خراجه؛ لأنّ موته لا يسقط عنهم شيئًا ممّا التزموه، وإنّما كانوا التزموه على أموالهم ومال هذه المتوفّى، وأمّا إذا كان ما صُولحوا عليه جزْية على جماجمهم فإنّ ما ترك من مال لا وارث له فماله لجماعة المسلمين؛ لأنّه أفرد نفسه بالعقد بما كان يخصه من الأداء على ما كان يخصّه من المال، فهذا مات سقط ما كان يلزمه من الخراج ولم يتبع به أحد ممّن صالح معه، فلذلك كان ماله لجماعة المسلمين".
(٥) قاله في العتبية: ٤/ ١٩٩، وعنه ابن أبي زيد في النوادر: ٢٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>