للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرعٌ (١):

فإن كان على وَجْه العِدَة، فهل هي لازمة أم لا؟

قلنا: يحتمل أنّ تكون مواعيد النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - في مثل هذا لازمةً؛ لأنّ وعده حقٌّ وصوابٌ، ولم يَعُد من مَالِهِ، وإنّما وَعَدَ من بيت المال، فكأنّه عَيَّنَ لِمَن وَعَدَهُ ذلك المقدار في بيت المال، وتَعْيِينُهُ صوابٌ، فيجب أنّ ينفذ.

ويحتمل أنّ يكون حُكمُه في ذلك حكم غيره، ولا يخلو أنّ يكون الوَعْد يدخلُ الإنسان في أَمرٍ أو لا يدخله فيه، مثل أنّ يقول: اشتَرِ ثوبًا أو دابّة وأنا أُعينُك على ذلك بدينارٍ، أو أُسْلِفُكَ ذلك الثَّمَن، أو أُسْلِفُكَ منه كذا وكذا، فاتّفق علماؤنا على أنّ هذه العِدَة لازمةٌ يُحْكمُ بها على الوَاعِد.

فرع (٢):

وأمّا إنَّ كانت عِدَة لا تدخل من وعدَ به في شيءٍ، فلا يخلو أنّ تكون مُفَسَّرة أو مُبْهَمَة، فإن كانت مُفَسَّرة، مثل أنّ يقول الرَّجُلُ للرَّجُلِ: أَعِزنِي دابّتك إلى موضع كذا، فيقول: أنا أُعِيرُكَ غدًا، أو مثل أنّ يقول: عَلَيَّ دَيْن فأَسْلِفني مئة دينار، فيقول: أنا أُسْلِفُكَ. فقال أَصْبَغُ في "العُتبيَّة" (٣): يُحكَم عليه بإِنجَازِ ما وَعَدَ بِهِ كالذي يدخل الإنسان في عقد، وظَاهرُ المذهب على خلاف هذا؛ لأنّه لم يدخله بوعده في شيءٍ يضطرُّهُ إلى ما وَعَدَهُ به.

وأمّا إنَّ كانت مُبهَمة، مثل أنّ يقول له: أَسْلِفْني مئة دينار (٤)، فهذا قال أَصْبَغ: لا


(١) هذا الفرع مقتبس من المنتقي: ٣/ ٢٢٧.
(٢) هذا الفرع مقتبس من المنتقى: ٣/ ٢٢٧.
(٣) ١٥/ ٣٤٤، وانظر البيان والتحصيل: ١٥/ ٣١٧ - ٣١٩.
(٤) تتمة الكلام كلما هو في المنتقى: "ولا يذكر حاجته إليها، أو يقول: أعرني دابّتك أركبها, ولا يذكر له موضعًا ولا حاجة، فهذا ... "

<<  <  ج: ص:  >  >>