للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجهُ الثّاني: أنّ النَّظرَ في ذلك للإمام بالذي هو أحوط لاستيفاء هذا المال، فقد يكون البَيْعُ تارةً أفضل، وقد يكون الحمل والكراء عليه أفضل.

المسألة السابعة (١):

وقولُ أبي بكر (٢): "مَنْ كان عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - وَأْيٌ أَوْ عِدَةٌ" الوَأْيُ: العهدُ.

وقيل: الوعدُ.

وقيل: هو إضمار في النَّفْسِ أو في القلب (٣)، وهو قريب من معنى العِدَة.

واستدعاء أبي بكر من كان له عند رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - عِدَة إِنَّما فعل ذلك ليفِي بعهده؛ لأنّه الخليفة من بَعْدِه، وما وَعَد به النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - فهو حقٌّ يحقُّ على أبي بكر وغيره ممّن يأتي بعدَهُ إنفاذه، وقد جاء جابر إلى أبي بكر فقال: إنَّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: "لَوْ قدْ جَاءَ مَالٌ مِن الْبَحْرَيْن أَعْطَيتُكَ هَكذا وَهَكَذَا وهَكَذا" (٤) ويحتملُ أنّ يكون جابر أثبتَ ذلك عنده بشاهدين عدلين، ويحتمل أنّ يكون أبو بكر قَبِلَ ذلك من قوله لَمَّا رَآهُ أهلًا لذلك، وكان ذلك من حُسْنِ النَّظَرِ أنّ يعطيه وإن لم يكن النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - وَعَدَهُ، وقد قال مالك (٥): قد يُعْطي الوَالي الرَّجُلَ المالَ جائزٌ لأمرٍ يرَاهُ فيه على وجه الدَّيْن، أي: على وجْهِ الدَّين من الوالي (٦).


(١) اقتبس المؤلِّف هذه المسألة من المنتقى: ٣/ ٢٢٧.
(٢) في حديث الموطَّأ السابق ذِكْرُهُ.
(٣) "وقيل: الوعد، وقيل: هو إضمار في النفس أو في القلب" من زيادات المؤلِّف على نصِّ الإمام الباجي.
(٤) أخرجه البخاريّ (٢٢٩٦)، ومسلم (٢٣١٤).
(٥) في المدونة: ٢/ ٣٠٢ (صادر) من سماع ابن القاسم.
(٦) تتمة الكلام كما في المدونة: " ... يجيزه لقضاء دينه بجائزة، أو لأمر يراه قد استحقّ الجائزة، فلا بأس على الوالي بجائزة مثل هذا, ولا بأس أنّ يأخذها هذا الرَّجل".

<<  <  ج: ص:  >  >>