للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} الآية (١).

فخرج النَّاسُ في سِكَكِ المدينة يتلُونَها كأنّها لم تنزل قطُّ إِلاَّ ذلك اليومَ (٢).

ولم يعلم أحدٌ حيثُ يُدْفَنُ، فقال أبو بكرٍ: سمعتُه يقول: "لَمْ يُدْفَنْ قَطُّ نَبِيٌّ إِلاَّ حَيثُ يَمُوتُ" (٣).

وطلبت فاطمةُ ميراثَهَا فقال: سمِعْتُه يقول: "إنَّا مَعْشَرَ الأَنْبيَاءِ لَا نُورَثُ، مَا تَرَكنَا صَدَقَةٌ" (٤).

وارتدَّتِ العربُ فمنعتِ الزَّكَاةَ، فقال له عمرُ وسِواه: اقنَعْ منهم بالصّلاة حتّى يَتَمَهَّدَ الإسلامُ.

فقال أبو بكر: والله لَوْ منعوني عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - لَجَاهَدْتُهُمْ عَلَيهِ (٥).

وقيل له: أَمسِك جَيشَ أُسَامَة تستعينُ به على قتالِ أهل الرَّدَّة، فقال: وَاللهِ لَوْ لَعِبَتِ الكِلَابُ بِخَلَاخِلِ نِسَاءِ أَهلِ المَدِينَةِ مَا رَدَدْتُ جَيْشًا أَنْفَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلّى الله عليه وسلم -. فقال له عمرُ: وَمَعَ مَنْ تُقَاتِلُهُم؟ قال له: "وَحْدِي حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتي" (٦) فكان هذا أصلًا في إِنفاذِ الحَاكِمِ حُكمَ غيرهِ وإن رأى النَّاسُ خلافَهُ.


(١) آل عمران: ١٤٤.
(٢) أخرجه البخاريّ (١٢٤١ - ١٢٤٢)، وانظر: (٣٦٦٧، ٣٦٦٩).
(٣) أخرجه أحمد: ١/ ٢٠٦ (ط. الرسالة) بلفظ "لن يقبر نبيُّ ... " وقال شعيب الأرناؤوط: "حديث قويٌّ بِطُرُقه، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه".
(٤) رواه البخاريّ (٢٧٦٢)، ومسلم (١٧٥٩).
(٥) أخرجه البخاريّ (٦٩٢٥)، ومسلم (٢٠).
(٦) ذكره السيوطيّ في جمع الجوامع (مسند أبي بكر: ٥٥) وعزاه إلى البيهقي، وحسّنه. ومعنى تنفرد سالفتي: أي يفرق بين رأسي وجسدي. وقال الداودي: "المراد: الموت، أي حتّى أموت وأبقى =

<<  <  ج: ص:  >  >>