للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ اختلف المهاجرون والأنصارُ فيمن تكونُ الإمامةُ، فقصَدَهُم أبو بكرٍ في محلِّهم، وتوسَّطَ مُجْتَمعَهُم، وخطَب خُطْبَتَهُ المعروفةَ فقال: إِنَّ هَذا الأَمرَ لا يَصلُحُ إِلَّا لقُرَيش، وقَدْ سَمَّاهُمُ اللهُ "الصّادقين" وسمَّاكم "المفلحين"، وقد أمركم أنّ تكونوا معنا حيث كُنَّا، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (١).

وأمّا تسمية الأنصار "المفلحين" ففي قوله: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (٢).

وقد قال النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - في آخر خُطبَةٍ خَطَبَهَا: "أُوْصِيكُمْ بالأَنْصَارِ خَيرًا" (٣) وَلَوْ كَانَ لَكُمْ مِنَ الأَمْر شَيءٌ مَا وَصَّى بِكُم (٤).

وأمّا قوله (٥): "القَتْلُ حَتفٌ مِنَ الحُتُوفِ" (٦) فإن ذلك إشارةٌ إلى أَنّ الأجلَ بيد اللهِ، وأن خيرَ مواقفِهِ الشَّهادةُ الّتي يحتسِبُ نَفْسَهُ فيها الشّهيدُ على الله تعالى.

تَمَّ الجهاد والحمدُ لله كثيرًا


= منفردًا في قبري"، عن فتح الباري: ٥/ ٣٣٨، وأنظر النهاية: ٢/ ٣٩٠.
(١) التوبة: ١١٩.
(٢) الحشر: ٩.
(٣) أخرجه البخاريّ (٣٧٩٩) من حديث أنس مطولًا.
(٤) انظر تاريخ الطّبريّ: ٣/ ٢١٨ - ٢٢٣، وأنساب الأشراف للبلاذري: ٢/ ٢٥٩ - ٢٦٧.
وللتوسع في الموضوع انظر سراج المريدين: ١٨٥/ ب، وقانون التّأويل: ١٥٣، والعارضة: ٩/ ١٤٣، والعواصم: ٣٧٣ (ط. طالبي)، والقبس: ٢/ ٦١١، وأحكام القرآن: ٢/ ٨٦٧ - ٨٦٩.
(٥) جزء من حديث الموطَّأ (١٣٣٢) رواية يحيى، سبق شرحه صفحة: [٩٤].
(٦) شرح البوني هذا الكلام بقوله: "يريد الموت لا بدّ منه في سبيل الله وفي غيره، فلأن يكون موت الرَّجل في سبيل الله خير له من أنّ يموت على فراشه". ويقول القنازعي في تفسير الموطَّأ: الورقة ٢١٩ "يعني: هو منية من المنايا، والشهيد من احتسب نفسه على الله، يريد أنّه من قاتل إيمانًا واحتسابًا حتّى قتل فهو شهيد".

<<  <  ج: ص:  >  >>