للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتسكين الضَّادِ وكسر الحاء وتشديد الياء، وجَمْعُهُ أضاحي بتشديد الياء أيضًا، ومن خفَّفَ الياء في الواحدة قال أُضحيَة على البناء الأوّل، غير أنّ الياء مخففة، فيقول في الجميع: أَضَاحٍ بلا ياءٍ في الرّفع والخفض.

الفقه في ثلاث عشرة مسألة:

المسألة الأولى (١):

قوله: "أَنْهُ ضَحَّى مَرَّةً بالْمَدِينَةِ" يريد أنّ هذا الفعل وقعَ منه بالمدينة؛ لأنّ كثيرًا ممّا حكاهُ لا يتأتَّى في غير الأمصار من الذَّبح بالمصلَّى وغير ذلك، وإلّا فقد كان يُضَحِّي في المدينة وفي أَسْفَاره، وقد رُوِيَ عنه؛ أنّه اشترى شاةً في سَفَرِه من رَاعٍ وأَمَرَهُ بذَبْحِهَا عنه.

المسألة الثّانية:

قولُه: "اشْتَرَى أُضحِيَة من رَاعٍ" (٢) وقولُه لنَافِع: "اشتَرِ ليْ كَبْشًا فَحِيلًا" فيه دليلٌ على وجوبِ الضَّحِيَّة، وهي مسألة اختلف العلماء فيها:

فمنهم من قال: إنّها واجبةٌ، وهو أبو حنيفة (٣).

ومنهم من قال: هي مستحبّة وهو الشّافعيُّ (٤).

وأمّا علماؤنا فقالوا: إنها سُنَّةٌ مستَحَبَّةٌ في "الموطَّأ" (٥).


(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ٨٨.
(٢) يقول البوني في تفسيره للموطَّأ: ٧٦/ ب "وفي هذا الحديث من الفقه الشراء من الرّاعي إذا علمت أنّ مثله يوكّل على البيع، إِلَّا أنّ يكون ... الدنيء وممن يظنّ أنّ مثله لا يوكّل على البيع. وفيه أنّ الذّبح على نية المالك لا على نية الذَّابح".
(٣) انظر المختصر: ٣٠٠، ومختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٢٢٠، والمبسوط: ١٢/ ٨.
(٤) انظر الأم: ٢/ ٢٤٥، ٢٤٦، والوسيط: ٧/ ١٣١.
(٥) حيث يقول مالك فيه ١/ ٦٢٧ (١٤٠٢) "الضحِيَّةُ سُنَّةٌ وليست بواجبة". وانظر التفريع: ١/ ٣٨٩، والتلقين: ٧٩.
قال أبو بكر بن الورّاق في مسائل الخلاف: لوحة ٢٦٨/ أ "الضّحيّة سُنَّةٌ مؤكّدة وليست واجبة، خلافًا له [أي لأبي حنيفة] لقوله -عليه السّلام-: "كُتِبَ علىَّ ثلاث هنّ لكم تطوع الضُحّى، والأضْحَى، والوتر"، وفي رواية: "السِّواك"، وكل ما يتعلّق به من الأوامر المطلقة في الضّحايا محمولة على الاستحباب بدليل هذا الحديث، وبدليل أنّ الصّحابة فهموا منه الاستحباب".

<<  <  ج: ص:  >  >>