للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحتمل أنّ تكون الكراهة منسوخةً.

ويحتمل أنّ تكون الكراهة باقية.

ويحتمل أنّ يكون حُكْمُ المنع ثبتَ لِعلَّةٍ فارتفعَ بِعَدَمها، فيكون ذلك المنع - وإِنْ ورد بلفظ العموم - محمولًا على الخصوص بدليل.

فأمّا من ذهب إلى القول الأوّل، فتعلَّق بأنّه - صلّى الله عليه وسلم - نهى عن أكل لحوم الأضاحي (١)، ثمّ قال: "كُلُوا وَتَزَوَّدُوا"، وإذا وردَتِ الإباحةُ بعد الحَظرِ فهو حقيقة النَّسْخ.

وقد رُوِي عن عليَّ ما يدلُّ على استدامة حُكم المنع، وَرَوَى أبو عُبَيْد (٢). قال: شَهِدْت الْعِيدَ مَعَ عَلِىَّ، فَصَلَّى ثمَّ خَطَبَ فَقَالَ: "إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - نَهَاكُم أنّ تَأكُلُوا لُحُومَ نُسُكِكُمْ فَوْقَ ثلَاثٍ" وهذا يدلُّ على أنّه غير منسوخٍ عنده.

ورُوِيَ معنى ذلك في الامتناع عن ابنِ عمر (٣).

ويحتمل أنّ يكون إنّما مَنَعَ من أجل الدَّافَّة، وأنّ الحاجةَ الواجبة أوجبت ذلك، وأن الحاجة لو نزلت بقومٍ من أهل المَسْكنَة لَلَزِمَ النَّاس مواساتهم، إِلَّا أنّ الأظهر أنّه حكمٌ منسوخٌ، والله أعلم.


(١) بعد ثلاث.
(٢) مولى ابن أزهر في البخاريّ (١٩٩٠)، ومسلم (١٩٦٩). يقول أبو العباس القرطبي في المفهم: ٥/ ٣٧٦ (حديث أبي عبيد ... وابن عمر يَدُلَان علىْ أنّ عمر، وعليَّا، وابن عمر، كانوا لا يرون بقاء حكم النّهي عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، وأن ذلك ليس بمنسوخ، ولا مخصوصا بوقتٍ ولا بقوم. وكأنّهم لم يبلغهم شيء من الأحاديث ... الدالّة على نسخ المنع، أو على أنّ ذلك المنع كان لعلّة الدافّة الّتي دفّت عليهم، وإنّما لم تبلغهم تلك الأحاديث الرافعة؛ لأنّها أخبار آحاد لا متواترة، وما كان كذلك صحَّ أنّ يبلغ بعض النَّاس دون بعض".
(٣) أخرج مسلم (١٩٧٠) عن ابن عمر؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - نهى أنّ تُؤكَلَ لحوم الأضاحي بعد ثلاث.

<<  <  ج: ص:  >  >>