للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين - حَدَا به ذلك إلى أن يرجع في تحقيق ما وقع له فيه الشّكّ، وما اتّهم فيه ما أخذَه من أسَد بن الفُرات بالاضطراب، أن يرجع إلى الَّذي كان مُسَلَّمًا له من بين أصحاب مالك جميعًا بأنّه أتمهم قيامًا على فِقْهِ مالك، وأكثرهم ملازمة له، وأكثرهم إتقانا لضبط ما روى عنه من المسائل، وهو عبد الرحمن بن القاسم، فتوجَّه سحنون إلى مصر كما هو معروف، وصدرت عنه "المدوّنة" الَّتي تُعتبر في الحقيقة أثرًا لأربعة من الرِّجال على التّعاقُب، هم: عليّ بن زياد المدَوِّن الأوّل , وأسدُ بن الفُرات مُدَوِّن "المدونّة" الَّتي عوضها سحنون على ابن القاسم، وابنُ القاسم الَّذي صُحِّحَت لدَيْه مدوَّنة أسَد بن الفُرات "الأسَدِيَّة"، وسحنون الَّذي كتب خلاصة ما سمع من ابن القاسم، مع ما سمع من غيره من أصحاب مالك بإفريقية وبمصر.

وقد أصبحت "المُدَوَّنَة" دستور المالكيّة الَّذي يحتكمون إليه أيَا كانت مدارسهم، حتَّى إنَّه أذا أطلق "الكتاب" فإنُّما يريدونها, لصيرووته عندهم علمًا بالغلبة عليها، وهي الَّتي تُسَمَّى "الأم" (١).

فلا غرو أن يُكثر المؤلِّف عن النقل عن هذا المصدر (٢).


(١) مواهب الجليل للحطاب: ١/ ٣٤. وانظر البحث القيم لأخينا الأستاذ "حمزة أبو فارس" بعنوان: "مدونة الإمام سحنون: مراحل تدوينها، منزلتها بين الأمهات، شروحها واختصاراتها" ضمن كتابه: "بحوث ودراسات في بعض مصنفات العقه المالكي": ٤٣ - ٧٦. منشورات فاليتا، مالطا، سنة ٢٠٠١ م.
(٢) انظر على سبيل المثال: المسالك: ٢/ ٢٢٩, ٤٨١. ٣/ ٥٠٧. ٤/ ١٢١. ٥/ ٢٠٤, ٣٤٥. وبواسطة المنتقى للباجي انظر: ٣/ ٣٤٢. ٤/ ٣٦، ١٣١، ٢١٠. ٥/ ٧٨، ١٣٨، ٢٥٧. ٦/ ٦٠، ٧٩، ١٢٠. ٧/ ٦٤. وبواسطة المقدمات لابن رشد انظر: ٢/ ١٢٥، ١٦٠، ١٧٨. ٤/ ٢٦٠. ٥/ ١٤٨، ٢٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>