للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا، إذا كان الذّابح ممّن تصح ذبيحتُه وإن سَمَّى الله تعالى.

المسألة الرّابعة (١):

وقول مالك: "فِي أَوَّلِ الإِسْلَامِ كَانَ ذَلِكَ" لما رُوِيَ في حديث عائشة (٢) أنّ الذّابحين كانوا حديثي عهدٍ بالإِسلام ممّن يصح ألَّا يعلموا مثل هذا ولم يبلغ بعدُ إليهم الشّرع، أو ممَّن يكثر منهم النِّسيان لمثله، لما لم تَجْرِ لهم به عادة، وأمّا الآن فقد جرت به العادة حتّى لا يكاد ذَابِحٌ يترك التّسمية، ولا يوجد أحدٌ لا يعلم أنّ التّسمية مشروعةٌ عند الذَّبح.

حديث مالك (٣)، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ؛ أَنَّ عَبدَ اللهِ بْن عَيَّاشِ بْنِ رَبِيعَةَ المَخزُوميِّ أَمَرَ غُلَامَا لَهُ أَنْ يَذْبَحَ ذَبِيحَةً، فَلَمَّا أَرَادَ أنّ يَذْبَحَهَا قَالَ لَهُ: سَمِّ الله، فَقَالَ الغُلَامُ: قَدْ سَمَّيتُ، قَالَ لَهُ: سَمِّ الله وَيْحَكَ، قالَ لَهُ: قَدْ سَمَّيتُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَيَّاشٍ: واللهِ لَا أَطعَمُهَا أَبَدًا.

الفقه في مسائل:

المسألة الأولى (٤):

قال علماؤنا في معنى هذا الحديث: إنّه ترك التّسمية عامدًا، وهو قول مالك فيمن ترك التّسمية عامدًا أنّها لا تؤكل، وفي "المدوّنة" (٥) قال مالك في تفسير هذا الحديث: "لا أرى ذلك على النَّاس إذا أخبرَ الذَّابحُ بأنّه قد سمَّى"، ورَوَى ابنُ حبيب عن مُطَرِّف عن مالك مثله، فعلى هذا يكون فعل ابن عيّاش على وجهِ الوَرَعِ، والأخذ في خاصَّتِهِ


(١) هذه المسألة اقتبسها المؤلِّفُ من المنتقى: ٣/ ١٠٥.
(٢) الّذي أخرجه البخاريّ (٥٥٠٧) بلفظ: "وكانوا حَدِيثِي عَهْدٍ بالكُفْرِ".
(٣) في الموطَّأ (١٤٠٤) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢١٤٣).
(٤) اقتبس المؤلِّف هذه المسألة من المنتقى: ١/ ١٠٥ بتصرُّف.
(٥) ١/ ٥١ فى كتاب الذّبائح (صادر).

<<  <  ج: ص:  >  >>