للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمّ ثبت أنّه ما نَهَى عنه من صفة الذّابح يمنعُ صحَّة الذَّبْح، فكذلك ما نَهَى عنه من صفة الآلة.

وتحريرُهُ: أنّ هذا معنى وردَ في الشَّرْع باعتبار صفته في الذَّبح، فلم يجز استعمال ما نهي عنه من ذلك، أَصْلُه الذَّبح.

ووجهُ رواية الإباحة: قوله تعالى: {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} (١) والذَّكاةُ فَرْيُ الأوداج، وقد وُجِدَ من هذا الّذي ذَبَح بالسِّنِّ والظُّفُر، فوجب أنّ تُؤكَل ذبيحتُه.

ومن جهة القياس: أنّ هذا معنى فري الأوداج، فجاز الذَّبح به كالحديد.

مسألة (٢):

فإذا ثبت ذلك، فقد قال ابنُ القصَّارِ (٣): تجوزُ الذّكاةُ بالسِّنِّ والظُّفْر، وأجاب عن الحديث بجوابين:

أحدهما: أنّه يُحْمَل على الكراهية.

والثّاني: أنّه يُحمَل على السِّنِّ والظُّفر الصّغيرين اللَّذين لا يصحّ قطع الأوداج بهما.

فعلى هذا في المسألة ثلاثة أقوال:

* أحدها: أنّه لا تجوز الذّكاة بسِنٍّ ولا ظُفْرٍ متَّصِل ولا منفصل، وهي الرِّواية الّتي حكاها ابن القصّار. عن مالك، وهو الظّاهر من رواية ابن الموّاز.

والرواية الثّانية: أنّه تجوز الذّكاة بهما منفصلّين ومتّصلين، وهذا الظّاهر من رواية ابن وهب عن مالك في "المبسوط"، وهو اختيار ابن القصّار (٤).

والرواية الثّالثة: تجوز الذّكاة بهما منفصلّين ولا تجوز الذّكاة بهما متّصلين، وهذا الّذي قاله ابن حبيب.


(١) المائدة: ٣.
(٢) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٣/ ١٠٦ - ١٠٧ ما عدا الفقرة الأخيرة.
(٣) في عيون المجالس: الورقة ٦٩٨ [٢/ ٩٥٦]، للقاضي عبد الوهّاب.
(٤) في عيون المجالس: الورقة ٦٩٨ [٢/ ٩٥٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>