للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُرَاعّى في صِفَةِ الذَّكاة، فلا خلافَ نَعْلَمُه في صِحَّةِ ذكاتِهَا وإباحةِ أكلِهَا، وقاله مالك.

المسألة الثّانية (١):

وأمّا إنَّ أصابها كسرٌ أو نحوُهُ، وانتهت ممّا أصابها إلى حدِّ الموتِ، فَذُبِحَت فَأَطْرَفَتْ بعدَ الذَّبح بعينها، واستفاضت نَفْسُها، أو تحرّكت بأذنها، أو رَكَضَتْ برجْلِها، فقدِ اختلفَ علماؤُنا فيه:

فروى ابنُ حبيب عن ابن القاسم وأَصْبَغ أنّها تُؤكَل (٢)، وهو في "المختصر" من رواية ابن القاسم* عن مالك، وعن ابن الماجشون وابنْ عبد الحَكَم: لا تُؤْكَل، ورواه ابن عبد الحَكَم عن مالك*.

فهذا خلافٌ من القوْلِ بيانُه: أنَّ وجهَ قولِ ابنِ القاسم قولُه: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} الآية (٣)، فاستثنى من ذلك ما أدركت ذكاته؛ لأنّ المعنى: وما أَكَلَ السَّبُع منه؛ لأنّ ما أَكَل السَّبُع جميعه فقد فَات عَينُه، فلا يقال فيه: إنّه حلالٌ ولا حرام لِعَدَمِه، وقد قال القاضي أبو إسحاق: إنّا لمعنى تحريم ما أكلَ السَّبُع بفَوَات الذَّكاة فيه، ومعنى قولِهِ تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} لكن ما ذكَّيتُم ممَّا لم يأكله السَّبع، وليس باستثناء ممّا تقدّم قَبلُ، وهذا كثيرٌ في القرآن.

ووجهُ الرِّواية الثّانية (٤): ما احتجَّ به الأَبْهَرِيّ أنّ معنى المُنْخَنِقَة والموقوذة والمُتَرَدِّية


(١) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: ٣/ ١١٤.
(٢) ووجه هذه الرِّواية: أنّ الذّابح أدرك ذكاتها وبها بقيّة من حياة، فجاز أكلها كالمريضة، وانظر النوادر والزيادات: ٤/ ٣٧٠.
(٣) المائدة: ٣.
(٤) وهي رواية ابن عبد الحَكَم.

<<  <  ج: ص:  >  >>