للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنَّطِيحة الّتي لم تمت بَعْدُ، ولو أرادَ الّتي ماتت لأَغنَى عن ذلك قولُه: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (١). وأراد بقوله: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} إِلَّا ما أدركتم بصفة ما يُذَكَّى، وأَمّا ما بلغ حالًا لا تُرْجَى حياته في الأغلب، فلا يُذكَّى كان أُدْرِكَ حيًّا؛ لأنّ تلك ليست بحياة.

قال علماؤنا (٢): "الحكمُ في المُنْخَنِقَةِ وأخواتِهَا أنّها تنقسمُ على هذه الثّلاثة الأقسام: إذا لم تنفذ مقاتلها وَرُجِيَت حياتُها عَمِلَت فيها الذَّكاةُ باتِّفاقٍ، وإذا نفذت مقاتلها لم تعمل فيها الذَّكاة باتِّفاقٍ في المذهب، إِلَّا على قياس رواية أبي زَيد وقد تقدّم (٣) ذكر ذلك (٤) والله أعلمُ.

الحديث الثّاني (٥): سئلَ مَالِكٌ عَنْ شَاةٍ تَرَدَّتْ فَانكَسَرَتْ، فَأَدْرَكَهَا صَاحِبُهَا فَذَبَحَها، فَسَالَ الدَّمُ مِنْهَا وَلمْ تَتَحَرَّكْ؟

قَالَ مَالِكٌ: إنْ ذَبَحَهَا وَنَفَسُهَا يجْري وَهِيَ تَطرِفُ فَلْيَأكُلْهَا (٦).


(١) المائدة: ٣.
(٢) المقصود هو الإمام ابن رُشد الجدّ في المقدِّمات المُمهَّدات: ١/ ٤٢٧.
(٣) في المقدِّمات الممهدات: ١/ ٤٢٥ وعنه في المسالك:
(٤) تتمّة الكلام كما في المقدِّمات هو كالتالي: "وإن لم تنفذ مقاتلها إِلَّا أنّه قد يُئس من حياتها قبل أو شكّ في أمرها، عملت فيها الذّكاة على قول ابن القاسم ومن قال بقوله ممّن يرى الاستثناء في الآية المذكورة متّصلًا".
(٥) أي حديث مالك في الموطَّأ (١٤١١) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (٢١٦٧) وابن بُكَير لوحة ١٧٩/ أ [نسخة تركيا].
(٦) يقول ابن حبيب في تفسير غريب الموطَّأ: الورقة ١٣٢ [٢/ ٧٩]، "معنى تَطْرِفُ: أنّ تحرِّك أطراف يديها ورِجْلَيها وعينيها، إنّما تطرفُ مأخوذٌ من أطرافها، فإذا كانت الذبيحةُ في وقت ذبحها يجري نفسها وتطرفُ عينُها وأطرافها فهي ذكيةٌ، وإذا لم يجر لها نفسٌ، ولم تطرف بطرفٍ لا بعينٍ ولا بيد ولا برِجلٍ، فهي جِيفَةً، وإن تحركت بِضَاعُها وأعضاؤها. قال: كان جرى نَفَسُها وطَرفت بعينها فقط ولم تطرف بغير ذلك من أطرافها، فهي ذكية ... هكذا فَسُّرَ لي أصحاب مالك عن مالك عندما كاشفتهم عن ذلك"، وهذا النصّ نقله البوني في تفسيره: ٧٨/ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>