للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشّافعيّ: إنَّ ماتَ من العقر الأوّل أُكل جميعُه وما بانَ منه، وإن كان لم يمت حتّى رماه رميةً أخرى، فإنّه يُؤكَل الحيوان كلّه ولا يُؤكَل ما بَانَ منه.

قال القاضي أبو الوليد (١): "هذا الّذي حكاهُ ابنُ القصّار في هذه المسألة هو القياس، غير أنّه قد رَوَى ابنُ المَوَّاز عن رَبِيعَة ومالك فيمن رَمَى صيدًا فَأَبَانَ وَرِكَيْهِ مع فَخِذَيْه فأنّه لا يُؤكل ما بَانَ منه وُيؤكل باقيه (٢)، وهذا ممّا لا يُتَوَهم أنّ يعيش بعدهُ. ورَوَى ابنُ القاسم في "العُتبيّة" (٣) أنّه إذا ضربه فخَذَلَ وَرِكَيْهِ أنّه يُؤكل جميعه، ولو أبان فخِذَيه ولم تصل إلى الجَوفِ فلا يُؤكَل ما أبان منه وُيؤكل ما بَقِيَ" (٤).

فرعٌ (٥):

فهذا ثبت ذلك، فإنّه لا يؤكل العضو البائن، فإنّ معنى ذلك أنّ يبين (٦)، أو يكون في حكم البائن، فقد قال ابنُ حبيب: إنَّ كان ممّا يتعلَّق بالجلد أو بيسير من اللَّحم فلا يُؤكَل، وإن كان ممَّا يجري فيه الرُّوح على هيئته فإنّه يُؤكل، ونحوه قال ابن الموّاز غير أنّه لم يذكر يسير اللَّحم (٧).


(١) في المنتقى: ٣/ ١١٩ - ١٢٠.
(٢) انظر هذه الرِّواية في النّوادر والزيادات: ٤/ ٣٤٦ والبيان والتحصيل: ١٨/ ٣١٢.
(٣) ٣/ ٣١٢ في سماع عبسى بن دينار عن ابن القاسم، من كتاب أوّله بع ولا نقصان.
(٤) قال ابن حبيب في تعليقه على الكلام السّابق: ومعنى ذلك أنك إذا ضربته على العجز فصار عجزه في حيّز الاسفل وقد قطمت من جوفه فكانّك قطّعت وسطه". قال الإمام الباجي: "فعلى قول ابن القاسم وتفسير ابن حبيب إنَّما يراعى أنّ يكون في معنى القطع بنصفين، وذلك بأن يصل القطع إلى شيءٍ من الجوف، وعلى جواب ابن الموّاز يراعى أنّ يكون أكثر ني حيز الاسفل، وعلى تعليل القاضي أبي الحسن [بن القصّار] أنّ يقطع منه ما لا تتوهم حياته دونه، فكأنّه قد أنقذ مقاتله وبضربته تلك، فكانت ذكاة لجميعه" المنتقى: ٣/ ١٢٠.
(٥) هذا الفرع مقبى من المنتقى: ٣/ ١٢٠.
(٦) المقطوع منه.
(٧) ووجه ذلك: أنّه إذا تعلّق به تعلّقًا يحيا بحياته ويسري إليه منه، فإنّه من جملة الجسد يذكّى بذكاته، وإذا لم يتعلّق إِلَّا بالجلد والشيء اليسير الّذي لا تري إليه به الحياة، فإنّه لا يذكَّى بذكاته كالمنفصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>